وقال مالك، كان إمام الناس بالمدينة بعد عمر زيد بن ثابت، وكان إمام الناس بعده عبد الله بن عمر، وقد أخذ بركابه يومًا ابن عباس، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فقبَّل زيد رأسه، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بآل بيت نبينا، توفى سنة نيف وأربعين، ووقف ابن عباس على قبره فقال: هكذا يذهب العلم.
وقال أبو هريرة: مات حبر هذه الأمة، وعسى الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفًا، قال ابن جرير الطبري: قيل: إن ابن عمر وجماعة ممن عاش بعده بالمدينة من الصحابة، إنما كانوا يفتون بمذاهب زيد بن ثابت، وما كانوا أخذوا عنه مما لم يكونوا حفظوا من رسول الله ﷺ قولًا١.
ترجمة معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي:
الإمام المقدَّم في علم الحلال والحرام، شهد المشاهد كلها مع رسول الله -صلى الله الله عليه وسلم- ومنها العقبة، وبدر، وكان فيها ابن إحدى وعشرين سنة، ولَّاه النبي ﷺ على اليمن، وحديثه بذلك في الصحيح، ولّاه على الجند -بفتح النون- يقضي بينهم، ويعلمهم القرآن وشرائع الإسلام، وجعل إليه قبض الصدقات من العمال الذين باليمن، ولما وحهه قال له: "بم تقضي"؟ قال: بكتاب الله الحديث، وتقدَّم١، وهو ممن كسر آلهة بني سلمة.
وفي الصحيح أنه أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم٢، وفيه أيضًا: "اقرأوا القرآن على أربعة" ٣ وعدّه منهم، وقال فيه أبو نعيم في الحلية: إمام الفقهاء، وكنز العلماء، وكان من أفضل شباب الأنصار حلمًا وحياء وسخاء وجمالًا، وكان مجاب الدعوة.
وروى عنه عمر وأبو موسى وغيرهما من أعلام الصحابة، قال فيه عمر: