108

Fikr Sami

الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي

Publisher

دار الكتب العلمية-بيروت

Edition Number

الأولى-١٤١٦هـ

Publication Year

١٩٩٥م

Publisher Location

لبنان

Genres

ويصح أن تعتبر هذه الكتابة أول تدوين السنة التي هي من مواد الفقه، لكن ما كتبوا إلّا الشيء اليسير، لا سيما وما كتبه عبد الله بن عمرو بن العاص لم يظهر، إذ لم يعدوه من المكثرين الذي تجاوزوا الألف لاشتغاله بالسياسة مع والده ورحلته إلى مصر. ولم تكن إذ ذاك دار علم، مع أن أبا هريرة قال: لم يكن أحد أكثر مني ملازمة للنبي ﷺ إلّا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب١. وعلى كل حالٍ فالقرآن تركه ﵇ مكتوبًا مدونًا كله، أمَّا السنة فلم يبتدأ جمعها وتدوينها إلّا بعد مائة سنة من وفاته ﵇، كما يأتي تحريره، سوى ما كُتِبَ على عهده كما سبق، وكان يسيرًا، وإنما اتَّكلوا في السنة على حفظهم وسيلان أذهانهم ومضاء قرائحهم، والأميّ دائمًا يكون أحفظ من الكاتب، وكان سيدنا عمر همَّ يجمعها وكتبها واستخار الله في ذلك شهرًا، ثم خاف اشتغال الناس بها وترك القرآن، أو غير ذلك فرجع. والحق يقال، لا شك أن تأخُّر كتبها تسبَّب عنه وقوع الاختلاف والاضطراب في كثير من الأحاديث وهو من أوجه تقديم القرآن عليها، زد على ذلك ما ابتليت به من وضع الزنادقة والرافضة وتعمدهم الكذب على رسول الله ﷺ لأغراض سياسية واهية كما يأتي.

١ سبق تخريجه.

1 / 115