Fi Adab Misr Fatimiyya
في أدب مصر الفاطمية
Genres
وعلت منزلة محمد بن النعمان عند الإمام العزيز بالله، حتى إنه كان يصعد معه على المنبر،
28
وكان مهيبا محترما، حتى إن أحدا لم يكن يخاطبه إلا بسيدنا.
29
ويروي ابن خلكان عن ابن زولاق المؤرخ المصري: «ولم نشاهد بمصر لقاض من القضاة من الرياسة ما شاهدناه لمحمد بن النعمان، ولا بلغنا ذلك عن قاض بالعراق، ووافق ذلك استحقاقا لما فيه من العلم والصيانة والتحفظ وإقامة الحق والهيبة.
30
فكانت هذه المكانة التي حظي بها هذا القاضي سببا في أن ينقم عليه الوزير يعقوب بن كلس. ويخيل إلي أن الوزير كان يخشى اتساع نفوذ بني النعمان، فحاول ما استطاع أن يكسر شوكتهم، وينقص من قدرهم، فكان يعمد إلى أن ينقض أحكام القاضي. ويروي ابن حجر العسقلاني عن المسبحي أن الوزير ابن كلس كان كثير المعارضة لبني النعمان في أحكامهم.»
31
وروى قصة تدل على مدى خوف الوزيز من اتساع سلطانهم ونفوذهم وما كان يضمره لهم، وبعد أن توفي العزيز بالله سنة 385 وولي الحاكم بأمر الله، أقر القاضي محمد بن النعمان على ما بيده من القضاء، وزادت منزلته عنده رفعة، ولكن محمدا تزاحمت عليه العلل، فتوفي ليلة الثلاثاء رابع صفر سنة 399، وصلى عليه الحاكم ووقف على دفنه، وحزن الحاكم لوفاته، فلم يول أحدا مرتبة القضاء إلا بعد شهر، فقلد القضاء أبا عبد الله الحسين بن علي بن النعمان.
ولد أبو عبد الله الحسين بن علي بن النعمان بالمهدية سنة 353ه، وقدم مع أسرته إلى القاهرة المعزية، ومهر في علوم الفقه حتى صار أحد أقطاب فقهاء المذهب الفاطمي، وكان ينوب أحيانا عن عمه محمد بن النعمان في القضاء حتى وليه بعد وفاة عمه. وفي صفر سنة 391 بينما كان القاضي جالسا في الجامع بمصر يقرأ عليه الفقه، أقيمت صلاة العصر فقام يؤدي الفريضة، وبينما هو في الركوع إذ هجم عليه رجل مغربي وضربه بمنجل في رأسه ووجهه، فحمل القاضي جريحا إلى داره، وظل حتى اندمل جرحه، فصار من ذلك اليوم يحرسه عشرون رجلا بالسلاح، وكان إذا صلى وقف خلفه الحرس بالسيوف حتى يفرغ من الصلاة، ثم يصلي حرسه، ولا نكاد نسمع أن قاضيا من قضاة المسلمين في التاريخ الإسلامي كله كان يصلي والشرطة تحرسه غير الحسين بن علي بن النعمان. وزاد الحاكم في إكرامه حتى أمر أن يضاف له أرزاق عمه وصلاته وإقطاعاته، وفوض إليه الخطابة والإمامة بالمساجد الجامعة، وولاه الدعوة وقراءة مجالس الحكمة التأويلية بالقصر وكتابتها، وهو أول قاض أضيفت إليه الدعوة من قضاة الفاطميين.
Unknown page