Fath Carab Li Misr
فتح العرب لمصر
Genres
وهو اللفظ الروماني
Fossatum ، وكان في وقت الفتح لفظا شائعا على العسكر، وكان الرومانيون في حصن بابليون بلا مراء إذا ذكروا موضع عسكر العرب سموه «الفساطون»، (29 ⋆ )
فأخذ عنهم العرب ذلك اللفظ. وإنه لمن أعجب الأمور أن يظهر ذلك الرأي للناس كأنه جديد مستغرب.
12
وإنه لمن البعيد أن تكون مدينة الفسطاط قد جعلت عند اختطاطها مدينة عظيمة، أو أنه كان يقصد منها أن تكون عاصمة للمسلمين؛
13
فقد كان انحصار الجنود في الحصن مما أفسد حالهم ونغص عليهم عيشهم، وما كان من العدل ولا من المستحسن أن يخرج المسلمون أهل مصر من ديارهم ليحلوا محلهم؛ وعلى ذلك فقد رأى العرب أنهم يستطيعون البناء خارج أسوار الحصن لا يخافون شيئا، بعد أن وضعت الحرب أوزارها، وأمنوا الكيد أن يأتيهم من جانب ذلك الإقليم، ولكن المدينة وإن ابتدأت صغيرة، نمت نماء سريعا بعد سنة من إنشائها، منذ أبى الخليفة عمر أن يبيح لعمرو أن يتخذ الإسكندرية عاصمة؛ فاتسعت عند ذلك فسطاط مصر، وكانت تسمى بالاسمين معا، حتى عمت الفضاء الفسيح الذي نرى به اليوم تلك الأكوام من الأقذار في جنوب القاهرة، ومنذ ذلك الوقت صارت عاصمة مصر، ثم نشأت بعد ذلك ضاحية في ظاهر الفسطاط من قبل الشمال، وكان اسمها العسكر، وانتقلت إليها قاعدة الحكم، ثم تلا ذلك بناء القطائع في شمال العسكر، بناها أحمد بن طولون، واتخذ فيها الطولونيون قصورا
14
لهم. فلما انقضت دولة الطولونيين رجعت العسكر إلى شأنها الأول حينا من الدهر، ثم قضي عليها في أواخر القرن العاشر؛ إذ جاء الفاطميون إلى مصر وبنوا لهم عاصمة جديدة، وهي مصر «القاهرة»، أي المنصورة، وقد أخذ أهل البندقية الوصف «القاهرة» ولم يأخذوا الاسم «مصر»، ونقلوه محرفا إلى لغات أوروبا، وهو «كيرو».
وإنا نرى إلى اليوم جامعا عتيقا في شمال الحصن الروماني المتهدم، ويبعد عنه بقليل، وهو أقدم مسجد في مصر يؤمه السفار ويعرفونه، فلا حاجة بنا إلى إثبات وصفه هنا، ونظن أن إنشاءه كان في ذلك الشتاء من سنتي 641 و642،
Unknown page