85

Fatḥ bāb al-ʿināya bi-sharḥ al-niqāya

فتح باب العناية بشرح النقاية

Editor

محمد نزار تميم وهيثم نزار تميم

Publisher

دار الأرقم بن أبي الأرقم

Edition Number

الأولى

Publication Year

1418 AH

Publisher Location

بيروت

[أحْكَامُ الدِّبَاغةِ]
وكلُّ إِهابٍ دُبغَ طَهَرَ
===
سوَّى في النهي بينَ البولِ في الماءِ والاغتسالِ فيه، لكنَّ أبا يوسف قال بالتخفيف لاختلافِ العلماء.
وأمَّا دليلُ الطهارة فما روى البخاري عن جابر قال: ممَرِضْتُ فأتاني النبيُّ ﷺ وأبو بكر وهما ماشيانِ، فوجَدَاني قد أُغمِيَ عليَّ، فتوضَّأ النبيُّ ﷺ ثُمَّ صَبَّ وَضُوءَه عليَّ، فأفَقْتُ فقلتُ: يا رسول الله كيف أصنَعُ في مالي؟ كيفَ أقضِي في مالي؟ فلم يُجِبني بشيء، حتى نزلَتْ آيةُ الميراث»، وروى البخاري أيضًا من حديثِ أبي جُحَيفَة قال: «أَتيتُ النبيَّ ﷺ وهو في قُبَّةٍ حَمْراءَ من أَدَم (^١)، ورأيتُ بلالًا أخَذَ وَضُوءَ النبي ﷺ (ورأيتتُ الناسَ يَبْتَدِرِون ذاك الوَضوءَ، فمَنْ أصاب منه شيئًا تمسَّحَ به، ومن لم يُصِبْ منه شيئًا أخَذَ من بَلَلِ يَدِ صاحِبِهِ» (^٢) .
وفي «المحيط»: لو أَدَخَلَ الجُنبُ يدَهُ في الماءِ لا يَضُرُّه (^٣) استحسانًا، لأنه ربما لا يُمكنه استعمالُ الماءِ إلا بالاغترافِ منه، فسَقَطَ اعتبارُه دفعًا للضرورة (^٤) .
(أَحْكَامُ الدِّبَاغَةِ)
(وكلُّ إِهابٍ) وهو الجلْدُ قبل الدِّباغِ (دُبِغَ) أي بما يَمنعُ النَّتْنَ والفسادَ كالقَرَظِ (^٥) والعَفْصِ (^٦) والتَّتْرِيبِ والتشميسِ والإِلقاءِ في الريح، لا بمجرَّدِ التجفيف (طَهَرَ) لما روى ابنُ خُزَيمة في «صحيحه»، والحاكمُ وصحَّحه، والبيهقيُّ في «سننه» وصحَّحه: عن ابن عباس قال: أرادَ النبيُّ ﷺ أن يَتوضَّأ من سِقاءٍ فقِيل له: إنه مَيْتة، فقال: «دِباغُهُ يُزِيلُ خَبَثَه» أو «نَجَسَه» أو «رِجْسَه». ولما في «سنن الترمذيِّ»: وصحَّحه، والنسائيِّ وابنِ

(^١) أي جلد. القاموس المحيط ص ١٣٨٩، مادة: (الأدمة).
(^٢) أخرجه البخاري (فتح الباري) ١/ ٤٨٥، كتاب الصلاة (٨)، باب الصلاة في الثوب الأحمر (١٧)، رقم (٣٧٦). وما بين الحاصرتين منه.
(^٣) أي لا يجعله مستَعْمَلًا.
(^٤) أي سقط اعتبار ذلك الماء مستعملًا، فبقي طاهرًا مطهرًا مع إدخال الجُنُب يده فيه، ومع سقوط الحدث عنها. أفاده الشيخ عبد الفتاح أبو غُدة رحمه الله تعالى.
(^٥) القَرَظ: حب معروف يخرج في غُلُف كالعدس من شجر العضاه. وبعضهم يقول: القرظ: السَّلَم يُدبغ به الأديم - الجلد - وهو تسامح، فإن الورق لا يدبغ به، وإنما يدبغ بالحب. المصباح المنير ص ١٩. مادة (قرظ).
(^٦) العفص: ثمر معروف كالبندقة يدبغ به. المغرب في ترتيب المعرب: ٢/ ٦٤، مادة (عفص).

1 / 90