146

Fath Andalus

فتح الأندلس

Genres

فبغت بدر واتخذ الكلام هزءا حتى تقدم إليه طارق وقال له: «نحمد الله. أنك وجدت أباك وقد كنا منذ عرفناك ونحن نتساءل عنه.»

فنظر بدر إلى طارق وهو يقول: «الكونت يوليان أبي، وفلورندا أختي؟ من أين أتت هذه القرابة؟»

وكان يوليان في أثناء ذلك واقفا أمام بدر، وهو يتفرس فيه على نور الشفق، ثم جاءوا بمصباح تناوله يوليان بيده وجعل يتفرس في بدر، ويتأمل ملامحه ومعاني وجهه، فتذكر بعد قليل أن لتلك الصورة شبها في ذهنه، فثار الحنان في قلبه، فأكب على بدر وضمه إلى صدره، وجعل يقبله ويتنشق ريحه ويبكي بكاء الفرح، والناس وقوف، وما فيهم إلا من تحركت عواطفه لذلك المنظر الغريب. ولم يتحقق بدر أنه في يقظة إلا بعد قليل، فقبل يد والده ووقف كأنه أصيب بالجمود.

مضت دقائق قليلة وأهل الخيمة يتبادلون عبارات الاستغراب، ويحمدون الله على نجاة بدر من سيف والده، والفضل في ذلك لسليمان، ثم التفت أوباس وهو لا يزال إلى ذلك الحين مكشوف الرأس محلول الشعر كما جاء، وقال لطارق: «يأمر الأمير طارق - حفظه الله - أن تأتي ابنتنا فلورندا إلى هنا ليتم التعارف.»

فقال طارق: «وأين هي فلورندا يا بدر؟»

قال: «هي في خيمتي» فأمر سليمان أن يأتي بها.

وكانت فلورندا بعد أن جاءت تلك الخيمة قد أصلحت من نفسها وهي تتوقع أن يأخذوها إلى أبيها، فلما أبطئوا طلبت من الحراس ذلك، فلم يفهموا ما تريد، على أنهم أفهموها بالإشارات أنها لن تبرح تلك الخيمة، فمكثت ومعها خالتها إلى العشاء إذ جاءها سليمان، فلما رأته استأنست به وهشت له وقالت: «أين والدي؟ أين ألفونس؟»

فضحك وقال: «إن والدك مشتاق إلى رؤيتك وسترينه قريبا، وأما ألفونس فلا أرب لك فيه بعد الآن لأن الفارس العربي الذي أنقذك من يدي رودريك لم يقبل إلا أن تكوني له عروسا.»

فبغتت وقالت: «وهل قبل والدي ذلك؟»

قال: «وماذا يفعل؟»

Unknown page