188

Fatḥ al-Waṣīd fī sharḥ al-Qaṣīd - taḥqīq Aḥmad al-Zuʿbī

فتح الوصيد في شرح القصيد - ت أحمد الزعبي

Editor

رسالة دكتوراه، جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية في السودان - كلية الدراسات العليا والبحث العلمي قسم التفسير وعلوم القرآن ١٩٩٨ م

Publisher

مكتبة دار البيان للنشر والتوزيع

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Publisher Location

الكويت

Genres

فبأي شئ يستوحش هؤلاء؟
وقال محمد بن عيسى الأصبهاني (^١): أصحاب النحو أعداء القرآن. يريد بهذا من أشرت إليه مِنْ جهلتهم المتوهمين أنَّ القراء قرؤوا من اختيارهم، فطعنوا عليهم ونسبوا إلى قراءتهم الخطأ، وجاروا في الطعن عليهم، وقد تابعهم على ذلك جماعةٌ، فوقعوا في أئمة القرآن كوقوع أبي حاتمٍ السجستان (^٢) في حمزة، وابن قتيبة (^٣) وغيرهما ممن ليس بقارئ (^٤)، ولا نحوي

(^١) محمد بن عيسى، أبو عبد الله الأصبهاني، إمام في القراءات، أخذ القراءة عن خلادٍ، وسليم بن عيسى، ويونس بن عبد الأعلى، صنف كتاب الجامع في القراءات، وكان إمامًا في النحو. توفي سنة ثلاثٍ وخمسين ومائتين.
(غاية النهاية ٢/ ٢٢٣)
(^٢) سهل بن محمد بن عثمان نحوي البصري، قرأ على يعقوب الحضرمي، روى القراءة عنه محمد الزروقي. توفي سنة خمسين ومائتين.
(غاية النهاية ١/ ٣٢٠)
(^٣) عبد الله بن مسلم بن قتيبة، أبو محمد، صاحب التصانيف، صدوق، روى عن إسحاق ابن راهويه له مؤلفات منها: كتاب المعارف، ومشكل الحديث. توفي سنة ست وأربعين ومائتين.
(ميزان الاعتدال في نقد الرجال ٢/ ٥٠٣)
(^٤) إن كثيرًا من الأئمة طعنوا في القراء العشر كأمثال أبي داود وغيره، فال أبو عبيد الآجري سمعت أبا داود السجستاني يقول: أحمد بن سنان يقول: كان يزيد يكره قراءة حمزة كراهة شديدة، وكذلك روي عن أيوب المتوكل يقول: كان أبوعمرو بن العلاء لا يحفظ القرآن، وقال عبدالرحمن بن مهدي: لوكان لي سلطان على من يقرأ قراءة حمزة لأوجعت ظهره وبطنه. وبلغ الحد عند بعضهم أنه قال: لوصلى بي رجلٌ فقرأ قراءة حمزة لأعدت صلاتي، وسبب تحامل هؤلاء المحدثين على حمزة وغيره عدم معرفتهم بالقراءات معرفةً تامةً تلقيًا وسماعًا، وقد كانت القراءات في العصور الأولى متناثرة هنا وهناك في قلوب القراء الذين تفرقوا بالأمصار فلم تجمع وتمحص بل كان الصحيح والمتواتر مختلطًا بالضعيف والشاذ، فربما سمع المحدثون هذه القراءات الشاذة والصحيحة ولم يعرفوا التمييز بينهما لعدم قراءتهم القراءات الصحيحة، أو ربما قاسوها على قواعد النحو واللغة فإذا خالفت القراءة قولًا راجحًا نسبوها إلى الضعف أو الشذوذ وهذا باطلٌ، فإن لكل فنٍ رجالًا، ولكل مقامٍ مقالًا، ولا ينبغي أن يتكلم الرجل في غير اختصاصه الذي اختص به وإلا فسوف يقع في أخطاءٍ، فكيف يطعن بهؤلاء القراء العشرة وقراءاتهم الذين أجمع على ورعهم وزهدهم وضبطهم وثقتهم، بل أعجب من ذلك من طعن في حفظ أبي عمروٍ البصري حتى اتهمه بعدم الحفظ للقرآن، ورحم الله= =الإمام الشاطبي عندما ردَّ على النحاة الذين طعنوا في قراءة ابن عامر الشامي وهي قوله:
فلاتلم من مليمي النحو إلا مجهلا
فإذا كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قد أنكر القراءة التي قرأها حكيم بن حزام حتى شدَّه من تلابيب ثوبه، وكاد يضربه، وحجة عمر في ذلك أنه لم يسمعها من رسول الله ﷺ فمن باب أولى أن ينكر القراءة من هو أقلُ من عمر، ورحم الله الإمام المحدث المقرئ المفسر المؤرخ الإمام الذهبي فهو من القراء المعروفين في هذا الفن، وهومن القلة القليلة الذين جمعوا العلوم كلها ضبطًا وإتقانًا ودرايةً، لامجرد مشاركة كحال العلماء المتأخرين الذين يشاركون في العلوم الشرعية مشاركة عامةً قال الإمام الذهبي: «انعقد الإجماع على تلقي قراءة حمزة بالقبول، والإنكار على من تكلم فيها، فقد كان من بعض السلف الصدر الأول فيها مقالٌ، ويكفي حمزة شهادة مثل إمام الأئمة سفيان الثوري فإنه قال: ماقرأ حمزة حرفًا إلابأثرٍ، وقال أبوحنيفة: شيئان غلبتنا لسنا ننازعك ياحمزة: كتاب الله والفرائض».
(معرفة القراء الكبار ١/ ٩٦)

1 / 208