162

Fatāwā al-ʿIrāqī

فتاوى العراقي

Editor

حمزة أحمد فرحان

Publisher

دار الفتح

Edition Number

الأولى

Publication Year

1430 AH

يجوز، كما حكاه المحب الطبري(١) في( شرح التنبيه). وأما توقف السائل في الدعاء للنبي ﷺ بالرحمة مع أنه عين الرحمة، لقوله تعالى: ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٧]، فلا معنى له لكونه رحمة للعالمين(٢) من رحمته له، فإن الرحمة في المعنى المفسر بها في حقنا - وهي رقة القلب - مستحيلةٌ في حق الله تعالى، وهي في حقه إما صفة ذات، والمراد بها إرادة الخير للعبد، أو صفة فعل، والمراد بها فعل الخير معه، والنبي ﷺ أجزل الخلق حظّاً من إرادة الله تعالى به الخير، وفعله معه الخير، ولا يقال: إذا كان هذا حاصلاً له، فكيف نطلبه له! فإنّ الصلاة حاصلة له بقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ﴾ [الأحزاب: ٥٦]، ومع ذلك فأمرنا بطلبها له، والوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة والمقام المحمود حاصلات له بوعد الله تعالى، ومع ذلك فأمرنا بطلبها له، والحظ في ذلك لنا، والمنفعة عائدة علينا، والنبي ﷺ وهو أشدّ الخلق خضوعاً لربه واستكانة وتضرعاً وإظهار افتقار، ومن ذلك طلبه الرحمة، فيقتدى به في ذلك.

وأما معنى الصلاة المطلوبة من الله تعالى للنبي ﷺ فالمشهور أنها الرحمة، كذا نقله الترمذي في (جامعه)عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم، أن

= في اللغة، ومشارق الأنوار في الحديث. (عبد القادر الحنفي، الجواهر المضية في طبقات الحنفية، ١/ ٢٠١- ٢٠٢، وابن قطلوبغا، تاج التراجم ص ١٥٥- ١٥٧، الترجمة ٩٣).

(١) هو الحافظ محب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد الطبري المكي (٦١٥-٦٩٤هـ)، شيخ الحرم، وحافظ الحجاز. سمع من ابن المُقَيَّر والجُمَّيزي، روى عنه الدمياطي والبرزالي. قال التاج السبكي: (وله شرح على التنبيه، مبسوط فيه علم كثير). التاج السبكي، طبقات الشافعية الكبرى ١٨/٨-١٩، وابن قاضي شهبة، طبقات الشافعية ١٨/٢ -٢٠.

(٢) عبارة: (فلا معنى له لكونه رحمة للعالمين) سقطت من الفرع.

160