فهو أنه عملية شكلية يتم فيها إلحاق أمر ما بآخر لما بينهما من شبه أو علة، فيعطي الملحق حكم ما ألحق به. ومن ثم فإن لهذه العملية أطرافا أربعة: المقيس، والمقيس عليه، والجامع بينهما، والحكم» (١).
ويتضح من النصوص التي تجمعت لدى الباحث أن مدلول القياس الذي يستند إليه أبو العلاء هو المدلول الثاني الشكلي، ومن هذه النصوص:
أـ قال أبوتمام:
يَومٌ أَفاضَ جَوًى أَغاضَ تَعَزِّيًا ... خاضَ الهَوى بَحرَي حِجاهُ المُزبِدِ [بحر الكامل]
«... «أغاض»: قليلة في الاستعمال؛ وإنما يقال: غاض الماءُ وغاضه غيره، ويجوز أن يكون الطائي سمع أغاض في شعر قديم، وإن لم يكن قد سُمِع فالقياس يطلقه» (٢).
ب - قال أبوتمام:
يَحميهِ لألاؤُهُ أَولَوذَعِيَّتُهُ ... مِن أَن يُذالَ بِمَن أَومِمَّنِ الرَّجُلُ [بحر البسيط]
«اللألاء: النور، والرواية «تحميه» بالتأنيث، والقياس يوجب أنه «لألاء» مثل زلزال، من لألأ الشيء، وتلألأ، وإذا قيل إنه مثل الزلزال فما يمتنع من كسر أوله مثل: القلقال والسلسال؛ مصدر قلقل، وسلسل، وذلك مطرد في هذا الباب، وإذا قيل إن: «اللألاء» مؤنثة؛ وجب أن يكون اشتقاقها من «اللأل»، كما قال:
دُرَّةٌ مِن عَقائِلِ البَحرِ بِكرٌ ... لَم تَنَلها مَثاقِبُ اللَّأَّال [بحر الخفيف] (٣)
فكأنها مبنية من اللأل ثم زيدت عليها الألف التي للتأنيث وبعدها الهمزة، وقولهم: «اللَّأَّال» كلمة شاذة، واشتقاق اللؤلؤ مثل اشتقاق اللألاء» (٤).