205

Wājibāt al-ʿummāl wa-ḥuqūqihim fī al-sharīʿa al-islāmiyya muqārana maʿa qānūn al-ʿamal al-Filasṭīnī

واجبات العمال وحقوقهم في الشريعة الإسلامية مقارنة مع قانون العمل الفلسطيني

Publisher

جامعة القدس

Genres

ومع تقريرنا لحق العامل في التقاضي نُشير إلى صاحب الاختصاص في النظر في شكاوى العمال، حيث إن المتتبع لتطور التاريخ الإسلامي يجد حرصًا شديدًا من ولاة الأمر- وفي مقدمتهم رسول الله ﷺ على الاستماع إلى تظلّمات المسلمين وشكاويهم، فقد تنوعت أسالبيهم في الاهتمام بتحقيق العدل، فكانوا يقومون بمراقبة حركة الناس اليومية في أسواقهم وأعمالهم (١)، ومن الخلفاء في العصور الإسلامية من كان يجلس مرتين في اليوم صباحًا ومساءً يستمع إلى المظالم (٢)، ومع نشأة الحكومات المعاصرة برزت الحاجة إلى سماع شكاوى المواطنين - ومنهم فئة العمال- حرصًا على تحقيق العدل، وكان ذلك من خلال تأسيس هيئات خاصة لذلك، وقد بدأت إرهاصات إنشاء مثل هذه الهيئة عام ١٧٠٩م عندما نفى الروس ملك السويد إلى تركيا وتأثر بنظام قاضي القضاة، وفي عام ١٧١٣م عيّن ملك السويد ممثلًا للشعب للرقابة على موظفي الحكومة وحماية المواطنين من الظلم، وفي عام ١٨٠٩م أنشأت السويد جهازًا رسميًا رقابيًا مرتبطًا بالمجلس التشريعي أُطلق عليه (حامي العدالة) (٣)، ثم لحقت بذلك بعض الدول العربية والإسلامية، فشكّلت المملكة العربية السعودية والباكستان والكويت هيئات رسمية لمتابعة الشكاوى والتظلمات من الناس.
أما في الإسلام فكان يقوم الخليفة أو الوزير أو الوالي بالنظر في هذه الشكاوى، وقد يقوم الوالي أو ولي الأمر بتكليف أحد ممن يثق به في مساعدته في هذا الأمر (٤)، وأحيانًا توكل المظالم والمنازعات البسيطة إلى المحتسب في كل قطاع، فالمظالم والمنازعات التي تنشأ في السوق يقوم بحلها القائم على حسبة السوق، ويُمكن أن يقوم القائم بأعمال الحسبة على الأجور والعمال بحل المنازعات البسيطة بين العمال وأصحاب العمل، وذلك لأن أعمال المحتسب تتعدّى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث يمكن اعتباره محكمة عمالية (٥)، وقد تم مؤخرًا إنشاء محكمة عمالية تتولي الفصل في تظلمات العمال وشكاويهم في فلسطين.

(١) الكتاني، التراتيب الإدارية، ج١، ص٦٧.
(٢) الماوردي، الأحكام السلطانية، ص١٠٤.
(٣) العمر، أخلاق العمل وسلوك العاملين في الخدمة العامة، ص١٤٦.
(٤) الماوردي، الأحكام السلطانية، ص١٠٤.
(٥) العمر، أخلاق العمل وسلوك العاملين في الخدمة العامة، ص١٤٧.

1 / 191