Al-Durr al-Manẓūm al-Ḥāwī li-Anwāʿ al-ʿUlūm
الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم
Genres
واعلم -أرشدنا الله وإياك- أن مدار هذه الأمور التي دخلت فيها -وما هو من جنسها- مما هو أقل مما أنت فيه وأكثر، على أمور بها يصلح الحال، وتدرك الآمال، بعد إعانة الله وعنايته ومشيئته وإرادته .
أولها: تصحيح النية وتحسينها، وصيانتها عما يشوبها، وتعهد النفس في أمرها، وعدم الوثوق باستمرار خلوصها وصلاحها، فلتكن النية خالصة، والقصد صالحا لله ولوجهه، وابتغاء مرضاته، وإحياء دينه، وتحري الأصلح، ومطابقة الشرع، ولتحترز غاية الاحتراز من أن تشاب نيته بشيء من الهوى، كالتشفي، والمجازاة بأمر سبق مما تعود إليه نفسه، أو أن تذهل عن تلك المقاصد الحسنة، وتخرج إلى غيرها.
الثاني: التأمل لما تقدم عليه من الأعمال وأنواع التأديب، من ضرب وحبس، وطرد، وعقوبة بمال، ونحو ذلك، فتجريها على قانون الشرع، وبتحقق مطابقتها لقواعده، وتحذر من الزيادة على ما شرع، والنقص منه، وتبالغ في إقامة الحدود، ولا تقبل فيها شفاعة شافع، وكذلك تحرص على الانتصاف للمظلوم، والتنفيذ لشرع الله، والشدة على من تمرد عنه حسب الإمكان.
الثالث: أن تباشر ما تعانيه من ذلك بسياسة ولطافة وتجنب لوجوه الشناعة، وطلاقة أخلاق وتسهيلها، لئلا تجمع بين الشدة بالقول والفعل، وبين الغلظة والإيقاع، وحاصل الأمر أنه يجمع بين الشدة واللين، فاللين في القول والخطاب بلين القول لمن راجعه حتى صاحب المعصية، ويخاطب من يعارض أو يستشفع بخطاب حسن فيه بيان الموجب وعدم إمكان العفو.
Page 433