Al-Durr al-Manẓūm al-Ḥāwī li-Anwāʿ al-ʿUlūm
الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم
Genres
وحين خلصت النية، وصلحت السريرة والطوية في هداية الخلق، والقود بنواصيهم لمناهج الحق، قطعنا بحصول الظفر، ونيل السؤل الديني والوطر، لأن الناس بين مهتد طائع، مصيخ لدعوة الحق سامع، فليأمل أجره من غير نقصان، بشهادة الأخبار والقرآن، وبين نافر متحامل، وجاهل أو متجاهل، يتلقى الدعوة الميمونة بالإعراض، والطعن والاعتراض، ويصدر عنه من الأذى والهجر مالا يسلم منه، آمر بعرف وناه عن نكر، فيكون بأنواع إساءاته مهديا لنا حسناته، ونكون بالصبر ظافرين بالقدح المعلى في الأجر، وهذه غنيمة يرغب إليها من الأجر همه، ومن لم تكن الدنيا مما يهمه.
ولعمري لئن نظرت الأمة إلى جانب الرشاد، وسلموا لطاعة من يريد صلاحهم القياد، ليحصلن لهم الغرض وليتمن المراد، وليتبين لهم من حسن السيرة ما تقر به عيونهم، وتصلح به شؤونهم، وأما إن ولوا عن الحق مدبرين، ونفروا عند استماعه مستكبرين، كنا بذلك شهودا عليهم يوم الدين، ولم يكونوا علينا بالتفريط شاهدين.
اللهم اشهد على أفئدتنا بقصد الصلاح والفلاح، وصيانة الأديان والأموال والأرواح، وأنا دعونا عبادك إلى طاعتك ونصرة دينك، والجهاد في سبيلك، وبلغنا ما ألزمتنا إذ أمرتنا وامتثلنا، وتجردنا لما أردته منا، وقدمناه على أنفسنا وخاصتنا، اللهم فوفق العباد لمطابقة المراد، وخذ بأزمتهم إلى الحق اللائح، وقد بأعنتهم لسلوك المنهج الواضح، وارزقنا منهم جلساء علماء عاملين، ووزراء أجلاء ناصحين وأمراء كرماء ناهضين، وعمالا أمناء جاهدين، وأتباعا مطاعين مرشدين، ورعية مطاوعين مهتدين.
?قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين? [يوسف:108].
قرئت هذه الدعوة الميمونة المباركة المعصومة على من حضر من المسلمين، وذلك بين الصلاتين من يوم الخميس لتسع ليال خلون من شوال سنة تسع وسبعين وثمانمائة سنة.
Page 375