قلت: وحجة المعتبر قوله: حجة، قوله: مطلقا. باطلة؛ لأن قياس ذلك على حكم قياس فاسد، إذ لا جامع بين الحكم وغيره، ولو لزم ذلك في الإمام للزم في الحاكم المنصوب للقضاء، إذ لا يجوز مخالفة حكمه.
وأما ما احتج به الإمام يحيى عليه السلام على ما اختاره من التفصيل فاحتجاج عليل -لا يخفى على متأمل- خفي وجهه ودلالته، وأن الذي احتج به -إن دل على أن قوله في الفتاوى حجة- فليدل على ذلك في غيرها فليس ما أدلى به يختص بالفتاوى دون غيرها.
وقوله: فإذا كان الإمام مطيعا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى آخر كلامه فيه ركة، وما كان مثل ذلك ينبغي أن يصدر عن مثله.
قلت: بل حكم من بلغه دعوة الإمام، وتحقيق ذلك: أنه إن علم جمعه للشرائط بالتواتر، فإن كان له عذر عن الوصول إلى الإمام لم يغفل عن الدعاء إليه وعن الدعاء له، والعذر كمرض مانع، أو كفل والدين عاجزين لا يجدان من يكفلهما غيره، أو ملازمة غريم لا يجد قضاءه، أوخوف على نفسه أو ماله، وإذا لم يكن له عذر توجه عليه النهوض إلى الإمام والبلوغ إليه لتحقيق حاله، فليس الخبر كالعيان، وليتعرف الإمام ويعرض عليه نفعه فيما يصلح له، كتولي عمل، أو قضاء، أو نحو ذلك كالوزارة، حيث كان من أهل الرأي والمشورة، ولا يجوز له التأخر والتراخي إلا حيث علم أن لا حاجة للإمام إليه.
قال الإمام يحيى عليه السلام : وإذا كان له مال وفيه سعة وجبت عليه المواساة له بما قدر عليه مما يكون فاضلا عن كفايته وكفاية من يمونه، لقوله تعالى: ?هل أدلكم على تجارة? [الصف:10]، إلى آخر الآيات فنفهم منه وجوب الجهاد بالمال كوجوبه في النفس، وإن علم بالتواتر أو الخبر عدم(1) جمع الداعي للشروط فلا يجب عليه النهوض إليه ولا إلى غيره إذ الإمامة باطلة.
Page 175