275

Al-Durr al-Farīd wa-Bayt al-Qaṣīd

الدر الفريد وبيت القصيد

Editor

الدكتور كامل سلمان الجبوري

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

فَقَوْلُهُ: جَعَلْتُ يَدَيَّ وِشَاحًا لَهُ إشَارَةً بَدِيْعَةً بِغَيْرِ لَفْظِ الاعْتِنَاق، وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَيْهِ. وَالنَّوْعُ الآخَرُ أَنَّ الإِشَارَةَ هِيَ الإيْمَاءُ إِلَى الشَّخْصِ المُخَاطَبِ المُعَايَنِ، وَهِيَ مُسْتَحْلَاةٌ وَإِذَا تَكَرَّرَتْ فِي الشِّعْرِ بِالإِشَارَةِ إِلَى المَمْدُوْح أَوْ المَذْمُوْمِ، وَكَانَتْ مَعَ تَكْرَارِهَا حَادَّةً لَا يَعْتَرِيْهَا فُتُوْرٌ، وَلَا رِكَّةٌ، دَلَّتْ عَلَى تَمَكُّنِ الشَّاعِرِ، وَقُدْرَتهِ عَلَى الكَلَامِ، وَحِذْقِهُ وَبَرَاعَتِهِ فِي صَنْعَتِهِ، كَقَوْلِ الفَرَزْدَقِ (١): [من البسيط]
هَذَا الَّذِي تَعْرِفُ البَطْحَاءُ وَطْأَتَهُ ... وَالبَيْتُ يَعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ
هَذَا ابْنُ خَيْرِ عِبَادِ اللَّهِ كُلِّهمُ ... هَذَا التَّقِيُّ النَّقِيُّ الطَّاهِرُ العَلَمُ
هَذَا ابْنُ فَاطِمَةٍ إِنْ كُنْتَ جَاهِلَهُ ... بِجَدِّهِ أنْبِيَاءُ اللَّهِ قَدْ خُتِمُوا
وَبَرَاعَةُ الابْتِدَاءِ:
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: لامْرِئِ القَيْسِ بَيْتٌ لَمْ يَسْبِقَهُ إِلَيْهِ أحَد، وَلَا ابْتَدَأَ بِمِثْلِهِ شَاعِرٌ.

= ثُمَّ قَالَ (١): تَأَمَّل مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ لَفْظَةُ أَفَانِيْنَ مِمَّا لَوْ عَدّهُ لَكَانَ كَثِيْرًا وَمَا اقْتَرَنَ بِهَا مِنْ جَمِيع أَصْنَافِ الجُّوْدَةِ طَوْعًا مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَلَا مَسْأَلَةٍ ثمَّ نَفَى عَنْهُ الكَزَازَةَ وَالوَنَا وَهُمَا أَكْبَرُ مَعَايِبِ الخَيْلِ الَّتِي يَرْتَبِطُهَا الفُرْسَانُ لِلْمُنَازَلَةِ. وَهَذَا مِنْ بَابِ إِشْبَاعِ المَعْنَى بأَوْجَزِ لَفْظٍ وَإِبْرَازِهِ فِي أَكْمَلِ صِيْغَةٍ مِنَ البَيَانِ وَقَدْ ذُكرَ فِي بَابِهِمَا عَلَى الانْفِرَادِ وَإِنَّمَا أَرَدْنَا بِذِكرِ هَذِهِ الحِكَايَةِ هَاهُنَا لِنُبيِّنَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ قُدَامَةَ الكَاتِب.
* * *
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ابن الدُّمَيْنَةَ (٢):
وَأَنْتِ الَّتِي كَلَّفَتْنِي دَلْجَ السَّرَى ... وَجُوْنُ القَطَا بِالجلْتَمَيْنِ جُثُوْمُ
وَأَنْتِ الَّتِي أَحْفَظتِ قَوْمِي فَكُلُّهُمْ ... بَعِيْدُ الرِّضَا دَانِي الصُّدُوْدِ مُلِيْمُ
وَأَنْتِ الَّتِي قَطَعْتِ قَلْبِي جَزَازَةً ... وَفَرَّقْتِ قَرْحَ الطِّيْبِ فَهُوَ كَلِيْمُ
(١) ديوانه ص ٥١١.

(١) حلية المحاضرة ١/ ٣٩، شرح مقامات الحريري ٢/ ٢٢٩.
(٢) ديوانه ص ٤٢.

1 / 277