238

Al-Durr al-Farīd wa-Bayt al-Qaṣīd

الدر الفريد وبيت القصيد

Investigator

الدكتور كامل سلمان الجبوري

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

فَقَدْ تَمَّ الإِحْسَانُ فِي المَعْنَى الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ بِقَوْلهِ: غَيْرَ مُفْسِدِهَا
ومِنَ التَّتْمِيْمِ قَوْلُ الفَرَزْدَقِ (١): [من الطويل]
وَقَدْ خِفْتُ حَتَّى لَوْ أَرَى المَوْتَ مُقْبِلًا ... لِيَأخُذَنِي وَالمَوْتُ يُكْرَهُ زَائِرُه
لَكَانَ مِنَ الحَجَّاجِ أهْوَنَ رَوْعَةً ... إِذَا هُوَ أغْفَى (٢)، وَهُوَ سَامٍ نَوَاظِرُه

= فَقَالُوا إِذَا كَانَ الأَمْرُ كَذَلِكَ طَمسَ مَعَالِمِهَا وَعَفَّى مَحَاسِنَهَا بِمُدَاوَمَةِ انْهِلَالِ الغَيْثِ وَانْسِكَاب القَطْرِ عَلَيْهَا فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَسْتَسْقِي لَهَا فَدَعَا عَلَيْهَا وَلَعَمْرِي إِنَّ فِي ذَلِكَ بَعْضَ التَّعَلُّقِ إِلَّا أَنَّهُ البَأسَ قدِ احْتَرَسَ مِنْ هَذَا الاعْتِرَاضِ احْتِرَسًا قَدَّمَهُ فِي صَدْرِ البَيْتِ بِقَوْلهِ:
أَلَا يَا أَسْلِمِي يَا دَارَ مَيّ عَلَى البَلَى فَدَعَا لَهَا بِالسَّلَامَةِ عَلَى تَعَاقُبِ الأَحْوَالِ وَتَصرُّفِهَا الَّتِي تُوْجِبُ بَلَى الدَّارِ وَانْدِرَاسِ الآثَار ثُمَّ اسْتَسْقَى لَهَا بِأَنْ قَالَ وَلَا زَالَ مُنْهِلًا بجَرْعَائِكَ القَطْرُ فَتَعَلَّقَ المَعْنَى الثَّانِي بِالأَوَّلِ وَدَخَلَ تَحْتَ الدُّعَاءِ لَهَا بِالسَّلَامَةِ وَإِنَّمَا ذَهَبَ فِي هَذَا الدُّعَاءِ لَهَا بِقَوْلهِ وَلَا زَال مُنْهَلًا بِجَرْعَائِكَ القَطْرُ إِلَى قَوْلِ القَائِلِ مَا زِلْتُ آتِيْكَ يُرِيْدُ أَكْثَرُ إِتْيَانَكَ لَا إِنَّهُ أَرَادَ أَنَّ إِتْيَانَهُ لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُ أَصْلًا وَلَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ تَعَاقُبٌ فِيْهِ أَلا تَرَى إِلَى قَوْلِ كُثَيِّرٍ فِي عَبْدِ المَلِكِ وَقِيْلَ عَبْدُ العَزِيْزِ (١):
وَمَا زَالَتْ رُقَاكَ تَسُلُّ ضَغْنِي ... وَتَخْرِجُ مِنْ مَكَامِنِهَا ضَبَابِي
وَيَحْوِيْنِي لَكَ الحَاوُوْنَ حَتَّى ... أَجَابَتْ حَيَّةٌ خَلِفَ الحِجَابِ
فَقَوْلُهُ وَمَا زَالَتْ رُقَاكَ غَيْرُ دَالٍّ عَلَى أَنَّهَا دَائِمَةُ الاتِّصالِ غَيْرُ مُنْقَطِعَةِ الانْفِصَالِ وَإِنَّمَا يَذْهَبُ بمِثْلِ هَذَا المَوْضِعِ وَأَضْرَابِهِ إِلَى مَا ذَكَرْنَاهُ أولًا دُوْنَ غَيْرِهِ مِنَ المُلَازَمَةِ الَّتِي لَا تَنْقَطِعُ أَبَدًا.
(١) ديوانه ١/ ٢٥١.
(٢) انْظُرْ إِلَى قَوْلِهِ إِذَا هُوَ أَغْفَى لِيَكُوْنَ أَشَدَّ مُبَالِغَةٍ فِي الوَصْفِ إِذْ شَبَّهَهُ عِنْدَ إِغْفَايةِ بِأَنَّ رَوْعَتَهُ أَعْظَمُ مِنَ المَوْتِ فَمَا ظَنَّكَ بهِ نَاظِرًا أَوْ مُتَأَمِّلًا ثُمَّ نَزَّهَهُ عَنش الإِغْفَاءِ فَقَالَ وَهُوَ سَامٍ نَوَاظِرُهُ. =

(١) ديوانه ص ٥٢.

1 / 240