قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَاتِمِيُّ: وَأَنَا أَقُوْلُ: إنِّي لَا أعْرِفُ تَقْسِيْمًا أصَحَّ مِنْ قَوْلُ الأَسْعَرِ الجُعْفِيِّ فِي صِفَةِ فَرَسٍ (١): [من الكامل]
أَمَّا إِذَا اسْتَقْبَلْتَهُ فَكَأنَّهُ ... بَازٌ يُكَفْكِفُ أَنْ يَطيْرَ وَقَدْ رَأَى
أَمَّا إِذَا اسْتَدْبَرْتَهُ فَتَسُوْقُهُ ... سَاقٌ قَمُوْصُ الوَقْعِ عَارِيَةُ النَّسَا
أَمَّا إِذَا اسْتَعْرَضْتَهُ مُتَمَطِّرًا ... فَتَقُوْل: هَذَا مِثْلُ سِرْحَانِ الغَضَا (٢)
وَعَنْ أَبِي العَيْنَاءِ قَالَ: أجْمَعَ عُلَمَاءُ الشِّعْرِ عَلَى أنَّ أحْسَنَ تَقْسِيْمٍ أتَى بِهِ شَاعِرٌ مُتَقَدِّمٌ قَوْلُ عُمَرَ بن أَبِي رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيِّ (٣) وَهُوَ: [من الطويل]
= بَكَرَتْ تُخَوِّفُنِي الحتُوْفَ كَأَنَّنِي ... أَصْبَحْتُ عَنْ عرضِ الحُتُوْفِ بِمِعْزَلِ
فَأَجَبْتُها أنَّ المَنِيَّةَ مَنْهَلٌ ... لَا بُدَّ أَنْ أُسْقَى بِذَاكَ المَنْهَلِ
فَأقْنِي بِحَيَاءَكِ لَا أَبَالَكِ وَاعْلَمِي ... أنِّي امْرُؤٌ سَأَمُوْتُ إِنْ لَمْ أُقْتَلِ
وَمِنَ التَّقْسِيْمِ قَوْلُ الخَلِيْعِ يَصِفُ عِتْقَ الخَمْرِ وَقِدَمَ عَهْدِهَا مِنْ أَبْيَاتٍ مِنْهَا:
وَقَدْ أَلِفَتْ حِجْرَ الدِّنَانِ وَلِيْدَةً ... كَمَا أَلِفَ الوِلْدَانُ حِجْرَ الحَوَاضِنِ
فَقَدْ أَخَذَتْ مِنْ رِيْحِهَا وَصفَائِهَا ... وَقُوَّتِهَا وَالطَّعْمُ كُلُّ المَحَاسِنِ
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنُ طَبَاطَبَا فَأَنَّهُ جَمَعَ خَمْسَ تَشْبِيْهَاتٍ وَتَقْسِيْمَاتٍ فِي قَوْلِهِ (١):
فِي خَمْسَةٍ مِنِّي حَلَتْ مِنْكَ خَمْسَةٌ ... فَرِيْقُكَ مِنْهَا فِي فَمِي الطَّيِّبِ الرَّشْفِ
وَوَجْهُكَ فِي عَيْنِي وَلَمْسُكَ فِي يَدِي ... وَصَوْتُكَ فِي أُذْنِي وَعُرفَكَ فِي أُنْفِي
(١) الأصمعيات ص ١٤٠.
(٢) السِّرْحَانُ: الذِّئْبُ وَأَخْبَثُ الذِّئَابِ ذِئْبُ الغَضَا.
(٣) نَسَبُهُ: هُوَ عُمَرُ بنُ عَبْدُ اللَّهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ بنِ المُغِيْرَةَ بنِ عَبْدُ اللَّهِ بنِ عَمْرُو بنِ مَخْزُوْمٍ بن يَقْظَةَ بنِ مُرَّةَ بن كَعْبِ بنِ لُؤَيّ بنِ غَالِبِ بنِ فَهْرِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّصْرِ بنِ كَنَانَةَ. وَأُمُّ عُمَرَ مُوَلَّدَةٌ مِنْ مُوَلَّدَاتِ اليَمَنِ يُقَالُ لَهَا مَجْد وَكَانَ يُقَالُ لأَبِي رَبِيْعَةَ ذُو =
(١) خاص الخاص ص ١٣٣.