182

Durr Farid

الدر الفريد وبيت القصيد

Investigator

الدكتور كامل سلمان الجبوري

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

التَّرْصِيْعُ (١) عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ الكَلِمَتَانِ اللَّتَانِ فِي آخِرِ البَيْتِ مُتَّفِقَتَي الحُرُوْفِ مَا عَدَا حَرْفَ الرَّوِي وَحْدَهُ. وربما اتَّفَقَ أَنْ تَقَعَ حُرُوْفُ الرَّوِي زِيَادَةً فِي الكَلِمَةِ الثَّانِيَةِ. وَالآخَرُ أَنْ يَقَعَ الاتِّفَاقَ بَيْنَ حُرُوْفِ كَلِمَتَيْنِ فِي البَيْتِ غَيْرَ مُتَوَالِيَاتٍ. يَقَعُ اتِّفَاقُ الكَلِمَةِ فِي صَدْرِ البَيْتِ، وَالأُخْرَى فِي عَجُزِهِ، أَوْ تَقَعَ كَلِمَةٌ فِي وَسَطِ البَيْتِ، وَأُخْرَى فِي القَافِيَةِ، وَيَخْتَلِفُ بَيْنَ حُرُوْفِ الكَلِمَتَيْنِ حَرْفٌ وَاحِدٌ، فَيُسَمَّى ذَلِكَ فِي صنَاعَةِ الشِّعِرِ التَّرْصِيْعِ، كَقَوْلِ أبِي تَمَّامٍ (٢): [من الطويل]
يَمُدُّوْنَ مِنْ أيْدٍ عَوَاصٍ عَوَاصِمٍ ... تَصُوْلُ بِأسْيَافٍ قَوَاضٍ قَوَاضِبِ

= إِقْنَعْ بِجِيْدٍ عَاطِلٍ وَانْظُمْ لَهُ ... عِقْدَ الصَّلَاحِ فَكُلّ حَالٍ حَالِمِ
كم مِنْ فَتًى جَعَلَ القَنَاعَةَ جُنَّةً ... دُوْنَ المَطَامِعِ فَهُوَ غَانٍ غَانِمِ
وَارْفَعْ مَنَارَ المُهْتَدِي بِكَ لَا كَمَنْ ... يُوْلي وِيُوْلَى فَهُوَ هَادٍ هَادِمٍ
وَالهجْوُ لَا تَهْجِمْ عَلَى عرضٍ بِهِ ... سَفهًا فَشَرّ النَّاسِ هَاجٍ هَاجِمِ
تَرْجُو وَتَرْجِمُ غَيْر غَافِرِ زِلَّةً ... بِئْسَ الفَتَى يَا صَاحِ رَاجٍ رَاجِمِ
حَسبُ الظَّلُوْمِ عَلَى ذَمِيْمٍ مَآلِهِ ... بِاللّومِ فَهُوَ بِكُلِّ نَادٍ نَادِمِ
وَإِذَا المَفِيْضُ دَعَى القِدَاحَ فَإِنَّمَا ... سَهْمُ المُسَالِمِ وَهُوَ نَاجٍ نَاجِمِ
وَإِذَا وَقَيْتَ أَخَاكَ لَمْ تَرَ سُبَّةً ... وَقُم العِدَا وَالسَّهْمِ وَاقٍ واقِمِ
كُنْ كَالحُسَام عَلَى الرَّفِيْقِ وَجَدُّهُ ... لِلضِّدِّ كَلِمٌ فَهُوَ كَالٍ كَالِمِ
نُحْظَى الحُظُوْظَ ذَوِي النُّهَى وَيَنَالُهَا ... فَدمٌ مِنَ الخَيْرَاتِ عَارٍ عَارِمِ
وَالدَّهْرُ يَحْكِي ثُمَّ يَحْكمُ بَعْدَمَا ... يَلْقَى المَعَالِي فَهُوَ حَاكٍ حَاكِمِ
وَنَهَى إِلَيْكَ العَيْشُ نَفْسَكَ خَادِعًا ... لَكَ بِالنُّعُوْمَةِ فَهُوَ نَاعٍ نَاعِمِ
فَالعَقْلُ عِنْدَ الخَوْفِ مُعْفٍ مُغْفِلٌ ... وَالجَلْدُ عِنْدَ الأَمْنِ حَازٍ حَازِمِ
هَذِهِ الأَبْيَاتُ كُلّهَا مَقْصُوْدٌ بِهَا التَّرْصِيْعُ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ.
(١) أنظر: البديع لابن أفلح العبسي ص ١٠٤ وما بعدها.
(٢) ديوانه ١/ ٢٠٦.

1 / 184