Durr Farid
الدر الفريد وبيت القصيد
Investigator
الدكتور كامل سلمان الجبوري
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
يَحْيَى، وَقَالَ: المَالَ السَّاعَةَ، وَأَوْلَى لَكَ (١). قَالَ: فَمَا كَانَ إِلَّا هُنَيْهَةً حَتَّى نُضِّدَتْ البُدُوْرُ (٢) بَيْنَ يَدَيْهِ إلَى أَنْ كَادَتْ تَحُوْلَ بَيْني وَبَيْنَهُ، وَرَأَيْتُ ضَوْءَ الصبْحِ قَدْ
(١) أَوْلَى لَكَ تَهَدُّدٌ وَوَعِيْدٌ مَعْنَاهُ: قَارَبَكَ مَا تَكْرَهُ. يَقُوْلُ الرَّجُلُ إِذَا حاول شَيْئًا فَأفْلتهُ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَصِيْبُهُ أَوْلَى لَهُ فَإِذَا أَفْلَتَ هُوَ مِنْ عَظيْمٍ قَالَ أَوْلَى لِي. وَقَدْ صَرَّحَ أَبُو عَلِيّ الفَارسِي بَأَنَّ أَوْلَى عَلمُ لِلْوَعِيْدِ.
(٢) قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن دَرَسْتَوَيْهِ قَالَ البُحْتُرِيّ وَقَدْ اجْتَمَعْنَا عَلَى خَلْوَةٍ عِنْدَ المُبَرَّدِ وَسَلَكْنَا مَسْلَكًا مِنَ المُذَاكَرَةِ شَعَرْتُ أنني سَبَقْتُ النَّاسَ كُلّهُمُ إِلَى قَوْلي:
شَقَائِقُ يَحْمِلْنَ النّدَى فَكَأَنَّهُ ... دُمُوْعُ التَّصَابِي فِي خُدُوْدِ الخَرَائِدِ
كَأَنَّ يَدَ الفَتْحِ بنِ خَاقَانَ أَقْبَلَتْ ... تَلِيْهَا بِتِلْكَ البَارِقَاتِ الرَّوَاعِدِ
قَالَ فَاسْتَحْسَنَ المُبَرَّدُ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا أَسْرَفَ فِيْهِ وَقَالَ مَا سَمِعْتُ مِثْلَ هَذِهِ الأَلْفَاظِ الرَّطبَةِ وَالعِبَارَةِ العَذبَةِ لأَحَدٍ تَقَدَّمَكَ وَلَا تَأَخَّرَ عَنْكَ فَاعْتَرَتْهُ أَرْيَحِيَّةٌ جَرَّ بِهَا رِدَاءَ العَجَبِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَكَأَنَّهُ أَعْجَبَنِي مَا يُعْجِبُ النَّاسَ مِنْ مُرَاجَعَةِ القَوْلِ. فَقُلْتُ يَا أَبَا عُبَادَةَ لَمْ تُسْبَقْ إِلَى هَذَا بَلْ سَبَقَكَ سَعِيْدُ بنُ حَمِيْدٍ الكَاتِبُ إِلَى هَذَا البَيتِ الأَوَّلِ بِقَوْلِهِ:
عَذُبَ الفِرَاقُ لنَا غَدَاةَ وَدَاعِنَا ... ثُمَّ اجتذ حنَاهُ كَسُمٍّ نَاقِعِ
وَكَأَنَّمَا أَثَرُ الدُّمُوْعِ بِخَدِّهَا ... طَلٌّ سَقِيْطٌ فَوْقَ وَرْدٍ يَانِعِ
وَشَرِيْكُكَ فِيْهِ صَدِيْقُنَا أَبُو العَبَّاسِ النَّاشِئِ بِمَا أَنْشَدْنِيْهِ آنِفًا وَهُوَ:
بَكَتْ لِلفِرَاقِ فَقَدْ رَاعَنِي ... بُكَاءُ الحَبيْب لِفَقْدِ الدِّيَارِ
كَأَنَّ الدُّمُوْعَ عَلَى خَدِّهَا ... بَقِيَّةُ طِلٍّ عَلَى جُلَّنَارِ
وَمَا أَسَاءَ عَلَيَّ بن جُرَيْجٍ الرُّوْمِيّ بِقَوْلِهِ:
لَوْ كُنْتَ يَوْمَ الوَدَاعِ حَاضِرَنَا ... وَهُنَّ يُطْفِيْنَ غُلَّةَ الوَجْدِ
لَمْ تَرَ إِلَّا دُمُوْعَ شَاكِيَةٍ ... تَسْفَحُ مِنْ مُقْلَةٍ عَلَى خَدِّ
كَأَنَّ تِلْكَ الدُّمُوْعِ قَطْرُ نَدًى ... يَقْطُرُ مِنْ نَرْجِسٍ عَلَى وَرْدِ
وَسَبَقَكَ أَبُو تَمَّامٍ إِلَى مَعْنَى البَيْتَيْنِ مَعًا بِقَوْلِهِ: =
1 / 149