Durar al-ʿuqud al-faridat fi taragim al-aʿyan al-mufidat
درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة
Genres
============================================================
سبيل، لسوء حالنا، وشدة فقرنا، وعدم الزائر لنا، فأخذنا نفضل من الزيت الذي يرخى لنا في القنديل الذي نستضييء به حتى اجتمع لنا في مدة أيام منه قدر جيد، ثم سألنا الحرس الموكلين بنا أن يتصدقوا علينا بيسير من حب الؤمان، فطرحوا لنا منه شيئا، فعمدنا إليه وصلقناه حتى تهرأ وألقينا فيه كسرا يابسة جمعناها من حوانيت السجن قد تقادم عهذها فلما انحلت صببنا فوقها الزيت وأكلنا وقد وقع منا بموقع لم نجد قط لذة لمأكل غيره مثلما وجدنا لذته، من شدة جوعنا وعظم شهواتنا للمآكل التي لا تقدر على شيء منها. وقدر الله سبحانه بخلاصنا من هذا السجن، وتنقلث بنا الأحوال، وملك السلطان برقوق الديار المصرية، وأنعم علي بإئرة طبلخاناه، فجلست ليلة معه على العشاء، أنا والأمير جزكس الخليلي أمير آخور، وكان أحد رفاقنا في سخن الكرك، فناولني الشلطان لقمة من طعام مأمونية. وقال: آقبغا، وهو بحبه، فلم أفهم ما قاله السلطان، ثم ناولني لقمة أخرى وقال: "وهو بزيت" فذهشت وقلت للأمير جركس: ما يقول السلطان؟ فلم يدر أيضيا مراده، فسألنا الشلطان عن هذا القول فقال: أنسيتم؟ ما تذكرون يوم كنا بسجن الكرك وأردنا أكل طعام حب رمان وعملنا كذا؟ فما منا إلا من ذكر ذلك وقلنا: يا مولانا الشلطان، بالصبر على ذلك، ولزوم خذمة الشلطان وسعادته صرنا إلى ما نحن فيه . قال: فتحول إلى القبلة وسجد لله شكرا ذلك فضل الله يوتيه من يشاء} [المائدة 54] .
120- أحمد بن عبدالله بن الحسن بن طوغان، شهاب الدين، الأوحديي المقرىء المؤرخ الأديب، أحد رجال البخرية من الجند(1) .
ولد بالقاهرة في النصف من المحرم سنة إحدى وستين وسبع مثة، وقرأ القرآن العظيم بالروايات السبع، وقرأ القراءات العشر على الشيخ فخر الدين أبي عمرو عثمان بن عبدالرحمن البلبيسي الضرير، شيخ (1) ترجمته في: إنباء الغمر 6/ 112، وذيل الدرر، الترجمة 316، والضوء اللامع 1/ 358، وحسن المحاضرة 1/ 556، وشذرات الذهب 7/ 89.
Page 185