Darsat fi alsirah
دراسة في السيرة
Publisher
دار النفائس
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٢٥ هـ
Publisher Location
بيروت
Genres
سري عن رسول الله ﷺ وهو يضحك، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال لي: يا عائشة احمدي الله فقد برّأك الله. فقالت لي أمي: قومي إلى رسول الله ﷺ فقلت: لا والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله. فأنزل الله ﷿: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ «١» .. وكان رسول الله ﷺ سأل زينب بنت جحش عن أمري فقال: يا زينب ما علمت مما رأيت؟ فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت عليها إلا خيرا، وهي التي كانت تساميني، فعصمها الله بالورع» «٢» .
[٤]
ظل المنافقون يعملون ضد الإسلام، من داخل صفوفه، منتهزين أية فرصة لتحقيق أهدافهم وللتعبير عن قلقهم وازدواجيتهم، وليس أدل في هذا المجال من حادثة (مسجد الضرار) التي أعقبت عودة المسلمين من تبوك. ويتبدى مغزى الحادثة من الاسم الذي أطلقه القرآن الكريم عليها وعلى أصحابها: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصادًا لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ. أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ «٣» .
ويروي الطبري أن الذين بنوه اثنا عشر رجلا على رأسهم خذام بن خالد، أحد بني عمرو بن عوف، الذي تبرع بإخراج المسجد من داره، ثم جاؤوا إلى الرسول ﷺ وهو يتجهز لغزوة تبوك، فقالوا: «يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلّة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا
(١) سورة النور، الآية: ١١.
(٢) البخاري: التجريد ٢/ ٢- ٦، ابن هشام ص ٢٤٢- ٢٤٩، الطبري: تاريخ ٢/ ٦١١- ٦١٨، ابن الأثير: الكامل ٢/ ١٩٥- ١٩٩، ابن كثير: البداية والنهاية ٤/ ١٦٠- ١٦٤، الواقدي: ٢/ ٤٢٦- ٤٣٤.
(٣) سورة التوبة: الآيات ١٠٧- ١١٠.
1 / 320