Darsat fi alsirah
دراسة في السيرة
Publisher
دار النفائس
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٢٥ هـ
Publisher Location
بيروت
Genres
إلى المدينة بدليل ما ورد عن عدد منهم في سيرة ابن هشام وفي مغازي الواقدي.
وهناك الكثير من الروايات والنصوص التاريخية التي تدل على أن الرسول ﷺ كان يعامل اليهود بعد غزوة خيبر بروح التسامح، حتى أنه أوصى عامله معاذ بن جبل (بألا يفتن اليهود عن يهوديتهم) . وعلى هذا النحو عومل يهود البحرين إذ لم يكلفوا إلا بدفع الجزية وبقوا متمسكين بدين آبائهم.. وأهم من كل ذلك تلك الحقوق والامتيازات التي منحها الرسول لآل بني حنينة الخيبرية وأهل مقنا كما منح الرسول أسرا غير قليلة من أهل خيبر حقوقا لم يمنحها لبقية اليهود، ما عدا الإقرار على الأراضي وإبقاءه لهم نصف الثمار- فإن هذا كان من حق كل يهود خيبر- وقد نص على ذلك ابن هشام والبخاري «١» .
ومضت السنون الأخيرة من حياة الرسول ﷺ والإسلام يزداد قوة ومنعة وانتشارا، لكنه ما إن توفي ﷺ حتى وجد اليهود المبعثرون في الجزيرة وبلاد العراق والشام بغيتهم المنشودة والتقوا بيومهم الموعود، فراحوا يتكالبون، كما تكالب غيرهم من أعداء الإسلام، ضد الدولة التي مات قائدها ومؤسسها، فليس من طبع المنهزمين عامة، واليهود على وجه الخصوص، أن يسكتوا على هزائمهم وهم لا بد أن يسعوا معتمدين أي أسلوب، لاسترداد مواقعهم ومصالحهم التي جردوا منها، وليس أدلّ في هذا المجال من حديث عائشة ﵂ حيث تقول: «لما توفي رسول الله ﷺ ارتدت العرب، واشرأبت اليهودية والنصرانية، ونجم النفاق، وصار المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية، لفقد نبيهم ﷺ حتى جمعهم الله على أبي بكر» «٢» .
ومن ثم فإن لنا أن نتصور- رغم قلة الروايات وانعدامها أحيانا- حجم الدور اليهودي في حركات الردة والتنبؤ في عهد أبي بكر الصديق ﵁.. وفيما بعد في «الفتنة» التي زعزعت أركان الخلافة الراشدة، والتي لعب ابن سبأ فيها- وآخرون غيره لم تنكشف أسماؤهم بعد- دورا خطيرا.
(١) ولفنسون: تاريخ اليهود ص ١٧٥- ١٧٦، ١٧٧، ١٧٨، ١٨١، وانظر البلاذري: فتوح ١/ ٦٦، ٨٥، ٩١ وانظر كذلك هامش رقم (٦) في ص ٢٩٤.
(٢) ابن هشام ص ٤٠٤.
1 / 299