Darajat Sitt
الدرجات الست وأسرار الشبكات: علم لعصر متشابك
Genres
شكل 3-2: تقع بين الحدين المتقابلين مجموعة كاملة من قواعد التفاعل، كل واحدة منها تحددها قيمة معينة من المتغير القابل للضبط ألفا . عندما يكون α = 0، فنحن في عالم الكهوف، وعندما تساوي قيمة α ما لانهاية، فنحن في سولاريا.
تكمن المزية العظيمة لصياغة قواعد تطور الشبكات على هذا النحو في أنه - كما هو واضح في الشكل
3-2 - يمكن التعبير عن تسلسل القواعد الوسيطة على صورة منحنيات تقع بين هذين الحدين، ويعبر كل من هذه القواعد عن نزعة فردين لأن يصبحا أصدقاء بناء على عدد الأصدقاء المشتركين بينهما في ذلك الوقت، لكنها تختلف من حيث مدى أهمية الأصدقاء المشتركين. من الناحية الرياضية، يمكن التعبير عن هذه المجموعة الكاملة من القواعد في صورة معادلة تتضمن «متغيرا واحدا قابلا للضبط»، ومن خلال تعديل، أو «ضبط»، هذا المتغير بين صفر وما لا نهاية، يمكننا اختيار إحدى قواعد التفاعل الموضحة في الشكل
3-2 ، ثم بناء شبكة تتطور وفقا لهذه القاعدة. وما أقمناه هو نموذج رياضي لشبكة اجتماعية؛ ونظرا لأن هذا كان هو نموذج الشبكة الأول الذي وضعته أنا وستيف، أطلقنا عليه - نظرا لعدم وجود اسم أفضل - «النموذج ألفا»، ومن ثم سمي المتغير الذي يدفع السلوك به بالاسم «ألفا».
كان النموذج ألفا قريبا للغاية في مضمونه من شبكات أناتول رابوبورت المائلة إلى العشوائية، على الرغم من عدم معرفتنا بهذا في ذلك الوقت. وشأننا شأن رابوبورت، اكتشفنا سريعا أنه من المستحيل حل أي شيء باستخدام قلم رصاص وورقة فحسب، لكن لحسن حظنا، كانت خمسة عقود من التطور التكنولوجي قد أثمرت عن أجهزة كمبيوتر سريعة بما يكفي لأداء المهمة بسرعة فائقة. إن المشكلات المتعلقة بديناميكيات الشبكات مناسبة على نحو مثالي للمحاكاة بالكمبيوتر، فيمكن لقواعد بسيطة للغاية، على مستوى الأفعال الفردية، التسبب في تعقد مربك عندما يتفاعل عدد كبير من الأفراد بعضهم مع بعض على مدار الوقت، فيتخذ كل منهم قرارات تعتمد بالضرورة على قرارات الماضي، وتكون النتائج في أحيان كثيرة مناقضة للتوقعات البديهية، ونادرا ما تنجح حسابات الورقة والقلم وحدها في تناول ذلك، لكن أجهزة الكمبيوتر تعشق مثل هذه الأمور؛ فهي مصممة خاصة للتعامل مع التكرار فائق السرعة اللامتناهي للقواعد البسيطة. وعلى النحو نفسه الذي يجري به الفيزيائيون التجارب في المعامل، مكنت أجهزة الكمبيوتر علماء الرياضيات من التجريب، فصاروا قادرين على اختبار نظرياتهم في عدد كبير من المعامل الخيالية، حيث يمكنهم تعديل قواعد الواقع حسبما يشاءون.
لكن ما طبيعة الأمور التي كان يفترض بنا اختبارها؟ تذكر أن المشكلة التي أردنا فهمها - أصل ظاهرة العالم الصغير - بدت أنها تعتمد على وجود سمتين متناقضتين ظاهريا للشبكات الاجتماعية؛ فمن ناحية، يجب أن تعكس الشبكة معامل تكتل كبيرا؛ بمعنى أنه في المتوسط تزيد احتمالية معرفة أصدقاء شخص ما بعضهم لبعض مقارنة بشخصين يقع عليهما الاختيار عشوائيا، ومن ناحية أخرى، يجب أن يكون من الممكن ربط شخصين اختيرا عشوائيا من خلال سلسلة مكونة من عدد قليل من الوسطاء فحسب، ومن ثم سيرتبط الأفراد المنفصلون بوجه عام من خلال سلاسل قصيرة أو «مسارات» في الشبكة. كل سمة من هاتين السمتين قليلة الأهمية وحدها، لكن لم يكن من الواضح على الإطلاق كيف يمكن الجمع بينهما. يتسم عالم الكهوف الذي عاش فيه إليجا بالي، على سبيل المثال، بالتكتل الشديد على نحو واضح، لكن حدسنا يشير إلى أنه إذا كان جميع الناس الذين نعرفهم يعرف بعضهم بعضا فقط، فسيكون من العسير للغاية ربط أنفسنا من خلالهم بباقي العالم في بضع خطوات فحسب. يمكن أن يكون كل هذا التكرار المحلي جيدا لالتحام المجموعات، لكن من الواضح أنه لا يجدي نفعا في تعزيز التواصل العام، على النقيض من ذلك، من المرجح على نحو أكبر أن يعكس مجتمع سولاريا مسارات شبكية أقصر. في الواقع، عندما يتفاعل الناس عشوائيا تماما، يكون الطول المعتاد - وفق نظرية الرسوم البيانية - لأي مسار بين أي فردين قصيرا، لكن من السهل أيضا توضيح أنه في أي رسم بياني عشوائي، يصبح احتمال معرفة أي من أصدقائنا بعضهم بعضا بلا أهمية في ظل وجود تعداد سكاني عالمي كبير للغاية، ومن ثم سيكون معامل التكتل صغيرا. لذا فإن حدسنا يشير إلى أن العالم يمكن أن يكون صغيرا أو متكتلا، لكنه لا يمكن أن يكون الاثنين معا، لكن أجهزة الكمبيوتر لا تعنى بالحدس. (3) عوالم صغيرة
باستخدام التكتل وطول المسار كوسيلتي استكشاف، شرعنا في بناء «شبكات ألفا» على الكمبيوتر. أنشأناها أولا ثم طبقنا بعض الخوارزميات المعيارية لتقدير الإحصائيات المتوافقة. كانت البرمجة المطلوبة بدائية بوجه عام، لكن وجب علي تعليم نفسي لغة البرمجة في تلك الأثناء، وكانت النتيجة كودا بشعا وبطيئا، وقضيت في كثير من الأحيان ساعات طويلة محاولا تتبع خطأ ما تسبب في القضاء على برنامجي بعد أن كان يعمل جيدا لمدة يوم أو أكثر. قد تكون المحاكاة بالكمبيوتر أقل فوضوية من العالم الواقعي، لكنها من الممكن أن تكون مضنية أيضا. مع ذلك، وبعد شهر مليء بالإحباط، توصلنا في النهاية إلى بعض النتائج التي يمكن التفكر فيها.
في البداية، بدا حدسنا صحيحا؛ عندما كانت قيمة ألفا منخفضة، بمعنى أن نقاط التلاقي تفضل بقوة الاتصال بأصدقاء الأصدقاء فقط، كانت الرسوم البيانية الناتجة أكثر ميلا إلى التكتل الشديد، لكنها، في الواقع، جزأت نفسها إلى الكثير من المكونات، أو الكهوف، الصغيرة للغاية. داخل كل كهف كان كل فرد على صلة جيدة بغيره، لكن بين الكهوف المختلفة لم توجد علاقات على الإطلاق. كانت هذه النتيجة غير مريحة في حقيقة الأمر؛ ذلك لأنه عند تقسيم الشبكات على هذا النحو، يكون من الصعب تحديد المسافة بين نقاط التلاقي في الأجزاء المختلفة، ولحسن الحظ، يمكن تخمين طول المسار الذي يؤدي إلى تفكك الشبكة. في هذه الصورة من أبسط التعديلات، يقاس أقصر طول للمسارات بين أزواج نقاط التلاقي كالسابق بالضبط، لكن يحسب فقط متوسط الأزواج التي تقع في المكون المتصل نفسه، وتكون النتيجة - كما هو موضح في الشكل
3-3 - أن الطول النموذجي للمسار يكون صغيرا عندما تكون قيمة ألفا منخفضة، وصغيرا أيضا عندما تكون قيمتها عالية، لكنه يزيد كثيرا عندما تكون قيمة ألفا في مكان ما بالمنتصف. وتفسير ذلك أنه عندما تكون قيمة ألفا منخفضة، يكون الرسم البياني مجزأ على نحو بالغ، لكن نظرا لأن المتوسط يحسب فقط لنقاط التلاقي الموجودة في المكونات المتصلة نفسها (الكهوف)، فإن صغر حجم المكونات يتسبب في قصر طول المسارات. هذا هو عالم «الكهوف الفولاذية»؛ الأشخاص الذين يمكن الوصول إليهم يمكن الوصول إليهم بسهولة، والأشخاص الذين لا يمكن الوصول إليهم بسهولة لا يمكن الوصول إليهم على الإطلاق. على عكس ذلك، عندما تكون قيمة ألفا عالية، يكون الرسم البياني عشوائيا إلى حد بعيد . نتيجة لذلك، يظهر الرسم على صورة مكون عام واحد متصل، والانفصال النموذجي بين أي زوج من نقاط التلاقي يكون صغيرا، وهو الأمر الذي نعرفه عن الرسوم البيانية العشوائية. هذا هو عالم سولاريا، الذي يمكن الوصول فيه إلى «كل شخص» بالقدر نفسه تقريبا من السهولة.
شكل 3-3: طول المسار وفقا لألفا . عند وصول قيمة ألفا للقيمة الحرجة، تدخل الكثير من نقاط التلاقي لتصل بين الشبكة بأكملها، التي ينكمش طولها سريعا.
Unknown page