155

Dar Qawl Qabih

درء القول القبيح بالتحسين والتقبيح

Investigator

أيمن محمود شحادة

Publisher

الدار العربية للموسوعات بيروت

Edition Number

الأولى

Genres

فكذلك الإِنسان مع فخِّ الأقدار. فالمعاصي كالفخاخ، والشهوات كالطُعم الذي فيها، والقدر كالحائطين والطريق بينهما، والإِنسان كالطائر. فيجري في طريق القدر، حتى يَقف على فخِّ المعصيةِ. فإِن أُيِّدَ حينئذٍ بالتوفيق، راجَع عقلَه، فامتَنَع ورجع. وإِلاّ قارنَه الخذلانُ، فوقع. ومنها ما يَفعله الملوكُ وأتباعُهم في الصيد أيضًا. فإِنهم تارةً يَحتوِشُون الصيدَ بالخيل والرجالِ مِن أقطاره، حتى يلزُّوه إِلى مضيقٍ، فيأخذوه. وتارةَ يَضرِبون عليه حلقةً دائرةً، ثمّ يَرمونه بالسهام، ويُلقُون عليه سباعَ الطيرِ والبهائم؛ ثمّ يأخذونه. وتارةً يجعلون الفهدّ خلفّ شجرةٍ، أو نحوها، ثمّ يضايِقون الصيدَ، أو يُهمونه أنهم يَطلبونه، حتى مَرَّ على الفهد، فيَثِب عليه، فيأخذه. فهذا مثال القدرِ عندي. وأمثلته كبيرةٌ. ولا يَتَّجه على الله في ذلك لومٌ، ولا يَلزَمه منه جورٌ، تعالى الله المتَصرَّف في ملكوته بجبروته كمات يشاء. والله أعلم. قوله، ﴿قل إن ضللت فإنما أضل على نفسى وإن اهتديت فبما يوحي إلى ربي﴾. قلتُ: الجواب أنّ معناه: إِن لبستُ ضلالًا، فوَبال كَسبي على نفسي. وجعل اللهُ تعالى ذلك أمارةً على ما يُراد به، كما سبق غيرَ موضعٍ. قوله، ﴿إن علينا للهدي﴾، ولم يقل: "إِنّ علينا للإضلال". قلنا: ظاهر الآية أنّ الهُدى واجبٌ على الله. وأنتم منازَعون فيه. ثمّ المراد "بالهدى" الإِرشاد. وقد سبق تحقيقُ الجوابِ على قوله، ﴿قدر فهدى﴾. قوله، "ولا يجوز أن يَنهي العبادَ عن شيءٍ في العَلانية، ويُقَدِّره عليهم في السرِّ. ربّنا أكرم من ذلك وأرحم". قلنا: لا يجوز عقلًا، أو شرعًا؟ الأوّل ممنوعٌ؛ إِذ لا يَلزَم منه

1 / 221