بفضل الله وعفوه كان حقيرًا يسيرًا/ قال تعالى: ﴿إن ربك واسع المغفرة﴾ (النجم: ٣٢) قال الأبوصيري:
يا نفس لا تقنطى من زلة عظمت
إن الكبائر في الغفران كاللمم
٣ - باب الصبر
أي: هذا باب بيان فضائل الصبر من الآيات والأحاديث. قال الراغب في «مفرداته»: الصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل أو الشرع، أو على العبد عما يقتضيان حبسها عنه اهـ. وقال ذو النون: هو التباعد عن المخالفات والسكوت من تجرع غصص البلية، وإظهار الغنى عند حلول الفقر بساحة المعيشة. قال الراغب: وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه، فإن كان حبس النفس بمصيبة سمي صبرًا لا غير ويضاده الجزع، وإن كان في محاربة سمي شجاعة، ويضاده الجبن، وإن كان في نائبة مضجرة سمي رحب الصدر ويضاده الضجر، وإن كان في إمساك الكلام سمي كتمانًا ويضاده الهذر، وقد سمى الله تعالى كل ذلك صبرًا، قال تعالى: ﴿اصبروا وصابروا﴾ أي: احبسوا أنفسكم على العبادة وجاهدوا هواكم اهـ.
(قال الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اصبروا﴾) على الطاعات والمصائب وعن المعاصي (وصابروا) الكفار، أي: غالبوهم بالصبر فلا يكونوا أشد منكم (ورابطوا) أي: أقيموا على الجهاد. وفي تفسير الكواشي: قال: «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها» قال أبو سلمة: لم يكن في زمان رسول الله ﷺ غزو يرابط فيه ولكنه انتظار الصلاة بعد الصلاة.
(وقال تعالى: ﴿إنما يوفى الصابرون﴾) على الطاعة وما يبتلون به، وترك ذكر الفاعل