Cuyun Tafasir
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Genres
سورة النساء
مدنية
بسم الله الرحمن الرحيم
[سورة النساء (4): آية 1]
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا (1)
(يا أيها الناس اتقوا) أي اعبدوا بالتقوى عن الشرك والمعصية أو خافوا (ربكم الذي خلقكم) أي فرعكم (من نفس واحدة) أي من أصل واحد وهو نفس آدم أبيكم، والخطاب عام لجميع بني آدم (وخلق) عطف على محذوف، هو صفة «نفس واحدة»، كأنه قال: من نفس واحدة أنشأها من تراب وخلق (منها) أي من تلك النفس (زوجها) حواء لأنه خلقها من ضلعه الأيسر، وقيل: عطف على «خلقكم» «1»، والخطاب للناس المبعوث إليهم رسول الله، والمعنى: أنه خلقكم من نفس آدم أبيكم وخلق منها أمكم حواء، قيل: لما خلق آدم وأسكنه الجنة ألقى عليه النوم فخلقها منه بين النوم واليقظة وسميت حواء لأنها خلقت من حي «2» (وبث) أي نشر (منهما) أي من آدم وحواء (رجالا كثيرا) ولم يؤنث الوصف لأن الرجال بمعنى العدد (ونساء) ولم يقل كثيرة اكتفاء بذكر كثرة الرجال، لأنهم في مقابلتهن، قيل: «خلق الله «3» منهما ألف ذرية من الناس» «4»، وإنما وصف لهم بذلك الوصف بعد الأمر بالتقوى لكونه مما يدل على القدرة العظيمة، ومن كان قادرا عليه كان قادرا على تعذيبه، فحقه أن تتقوه وتعبدوه ولا تشركوا به «5»، ثم أمر بتقواه ثانيا تصريحا باسمه عاطفا على الأول لتحافظوا عليه ولا تغفلوا عنه «6» فقال (واتقوا الله الذي تسائلون به) بالتشديد والتخفيف «7»، أي تقسمون بالله في حاجاتكم (والأرحام) بالجر، أي وبالأرحام كقول بعضكم بعضا أسألك بالله وبالأرحام على سبيل الاستعطاف وأجاز الكوفي العطف على الضمير المجرور بلا إعادة الجار ومنعه البصري، لأنه كالعطف على بعض الكلمة لشدة الاتصال بينه وبين الجار، وأوله بتقدير حرف الجر المحذوف من المجرور أو الواو للقسم من الله وهو الأولى من العطف للخروج من الخلاف، وجوابه «8» ما بعده، وقرئ بالنصب «9» على أنه مفعول معطوف على «الله»، أي اتقوا الله واتقوا الأرحام أن تقطعوها، روي عن النبي عليه السلام أنه قال: «إن الله تعالى لما خلق الرحم قال لها: أصل من وصلك وأقطع من قطعك» «10» أو محل الجار والمجرور كمررت بزيد وعمرا،
Page 194