ʿUyūn al-Athar fī Funūn al-Maghāzī waʾl-Shamāʾil waʾl-Siyar
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Publisher
دار القلم
Edition
الأولى
Publication Year
١٤١٤/١٩٩٣.
Publisher Location
بيروت
السُّكْنَى فِي مَنَازِلِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَعْطَيْتُهُمْ وَخَرَجُوا مِنْ دُورِكُمْ»؟ فَتَكَلَّمَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بل تقسم بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَيَكُونُونَ فِي دُورِنَا كَمَا كَانُوا، وَنَادَتِ الأَنْصَارُ: رَضِينَا وَسَلَّمْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فقال رسول الله ﷺ: «اللَّهُمَّ ارْحَمِ الأَنْصَارَ، وَأَبْنَاءَ الأَنْصَارِ، فَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَى الْمُهَاجِرِينَ، وَلَمْ يُعْطِ أَحَدًا مِنَ الأَنْصَارِ شَيْئًا،
إِلا رَجُلَيْنِ كَانَا مُحْتَاجَيْنِ:
سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ، وَأَبَا دُجَانَةَ، وَأَعْطَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ سَيْفَ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَكَانَ سَيْفًا لَهُ ذِكْرٌ عِنْدَهُمْ.
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الْبَلاذُرِيُّ فِي كِتَابِ (فُتُوحِ الْبُلْدَانِ) لَهُ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال الأنصار لَيْسَتْ لإِخْوَانِكُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَمْوَالٌ، فَإِنْ شِئْتُمْ قَسَمْتُ هَذِهِ وَأَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ شِئْتُمْ أَمْسَكْتُمْ أَمْوَالَكُمْ، وَقَسَمْتُ هَذِهِ فِيهِمْ خَاصَّةً، فقالوا: بل أقسم هَذِهِ فِيهِمْ، وَأَقْسِمْ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْتَ، فَنَزَلَتْ:
وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ [١]
قَالَ أَبُو بَكْرٍ ﵁:
جَزَاكُمُ اللَّهُ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا مَثَلُنَا وَمَثَلُكُمْ إِلا كَمَا قَالَ الْغَنَوِيُّ:
جَزَى اللَّهُ عَنَّا جَعْفَرًا حِينَ أَزْلَفَتْ ... بِنَا نَعْلُنَا فِي الْوَاطِئِينَ فَزَلَّتِ
أَبَوْا أَنْ يَمَلُّونَا وَلَوْ أَنَّ أُمَّنَا ... تُلاقِي الَّذِي يَلْقَوْنَ مِنَّا لَمَلَّتِ
قَالَ: وَكَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكَانَ يَزْرَعُ تَحْتَ النَّخْلِ فِي أَرْضِهِمْ، فَيَدَّخِرُ مِنْ ذَلِكَ قُوتَ أَهْلِهِ وَأَزْوَاجِهِ سَنَةً، وَمَا فَضُلَ جَعَلَه فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلاحِ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ قال: حدثني إسحق قال: أنا حبان، فثنا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ، قَالَ: وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ ... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ
فَأَجَابَهُ أَبُو سُفْيَانَ بن الحرث:
أَدَامَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ ... وَحَرَّقَ فِي نواحيها السّعير
[(١)] سورة الحشر: الآية ٩.
2 / 74