424

ʿUyūn al-Athar fī Funūn al-Maghāzī waʾl-Shamāʾil waʾl-Siyar

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

Publisher

دار القلم

Edition

الأولى

Publication Year

١٤١٤/١٩٩٣.

Publisher Location

بيروت

غَطَفَانَ،
فَطَمِعَ حُيَيٌّ فِيمَا قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ، فَأَرْسَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَنَّا لا نَخْرُجُ مِنْ دِيَارِنَا فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ، فَأَظْهَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ التكبير، وكبير الْمُسْلِمُونَ لِتَكْبِيرِهِ وَقَالَ:
«حَارَبْتُ يَهُودَ»
فَسَارَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ ﷺ فِي أَصْحَابِهِ، فَصَلَّى الْعَصْرَ بِفِنَاءِ [١] بَنِي النَّضِيرِ، وَعَلِيٌّ يَحْمِلُ رَايَتَهُ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، فلما رأوا رسول الله ﷺ قَامُوا عَلَى حُصُونِهِمْ مَعَهُمُ النَّبْلُ وَالْحِجَارَةُ، وَاعْتَزَلَتْهُمْ قُرَيْظَةُ فَلَمْ تُعِنْهُمْ، وَخَذَلَهُمُ ابْنُ أُبَيٍّ وَحُلَفَاؤُهُمْ مِنْ غَطَفَانَ فَيَئِسُوا [٢] مِنْ نَصْرِهِمْ،
فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَقَطَّعَ نَخْلَهُمْ، وَقَالُوا: نَحْنُ نَخْرُجُ عَنْ بِلادِكَ، فَقَالَ: «لا أَقْبَلُهُ الْيَوْمَ، وَلَكِنِ اخْرُجُوا مِنْهَا وَلَكُمْ دِمَاؤُكُمْ وَمَا حَمَلَتِ الإِبِلُ إِلا الْحَلْقَةَ»، فَنَزَلَتْ يَهُودُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ حَاصَرَهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَكَانُوا يُخَرِّبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ، ثُمَّ أَجْلاهُمْ عَنِ الْمَدِينَةِ، وَوَلِيَ إِخْرَاجَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وحملوا النساء والصبيان، وتحملوا على ستمائة بَعِيرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هَؤُلاءِ فِي قَوْمِهِمْ بِمَنْزِلَةِ بَنِي الْمُغِيرَةِ فِي قُرَيْشٍ»، فَلَحِقُوا بِخَيْبَرَ،
وَحَزِنَ الْمُنَافِقُونَ عَلَيْهِمْ حُزْنًا شَدِيدًا، وَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الأَمْوَالَ وَالْحَلْقَةَ، فَوَجَدَ مِنَ الْحَلْقَةِ خمسين درعا، وخمسين بيضة، وثلاثمائة وَأَرْبَعِينَ سَيْفًا، وَكَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ صَفْيًا لرسول الله ﷺ [خالصة له] [٣] حَبْسًا لِنَوَائِبِهِ، وَلَمْ يَخْمِسُهَا، وَلَمْ يُسْهِمْ مِنْهَا لأَحَدٍ، وَقَدْ أَعْطَى نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ، وَوَسَّعَ فِي النَّاسِ مِنْهَا.
وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ فِي كِتَابِ (الإِكْلِيلِ) لَهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى الْوَاقِدِيِّ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أُمِّ الْعَلاءِ قَالَتْ: طَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فِي الْقُرْعَةِ، فَكَانَ فِي مَنْزِلِي حَتَّى تُوُفِّيَ، قَالَتْ: فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُهَاجِرُونَ فِي دُورِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فَلَمَّا غَنِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَنِي النَّضِيرِ، دَعَا ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، فَقَالَ: «ادْعُ لِي قَوْمَكَ» فَقَالَ ثَابِتٌ: الْخَزْرَجَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الأَنْصَارَ كُلَّهَا» فَدَعَا لَهُ الأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ، فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الأَنْصَارَ وَمَا صَنَعُوا بِالْمُهَاجِرِينَ، وَإِنْزَالَهُمْ إِيَّاهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَأَثَرَتَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: «إِنْ أَحْبَبْتُمْ قسمت بينكم وبني الْمُهَاجِرِينَ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ من

[(١)] وعند ابن سعد: بفضاء.
[(٢)] وعند ابن سعد: فأيسوا.
[(٣)] زيدت على الأصل من الطبقات.

2 / 73