192

Al-ʿUmda fī maḥāsin al-shiʿr wa-ādābih

العمدة في محاسن الشعر وآدابه

Editor

محمد محيي الدين عبد الحميد

Publisher

دار الجيل

Edition Number

الخامسة

Publication Year

١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م

والصواب أن لا يصنع الشاعر بيتًا لا يعرف قافيته، غير أني لا أجد ذلك في طبعي جملة، ولا أقدر عليه، بل أصنع القسيم الأول على ما أريده، ثم ألتمس في نفسي ما يليق به من القوافي بعد ذلك، فأبني عليه القسيم الثاني: أفعل ذلك فيه كما يفعل من يبني البيت كله على القافية، ولم أر ذلك بمخل علي، ولا يزيحني عن مرادي، ولا يغير علي شيئًا من لفظ القسيم الأول، إلا في الندرة التي لا يعتد بها أو على جهة التنقيح المفرط.
وسأل رسول الله ﷺ عبد الله بن رواحه كالمتعجب من شعره، فقال: كيف تقول الشعر؟ قال: أنظر في ذلك ثم أقول، قال: فعليك بالمشركين ولم يكن أعد شيئًا، فأنشد أبياتًا منها:
فخبروني، أثمان العباء متى ... كنتم بطاريق أو دانت لكم مضر؟؟
فعرف الكراهية في وجه النبي ﷺ، لما جعل قومه أثمان العباء، فقال:
نجالد الناس عن عرض ونأسرهم ... فينا النبي وفينا تنزل السور
وقد علمتم بأنا ليس يغلبنا ... حي من الناس إن عزوا، وإن كثروا
ينتهي إلى أن يقول في النبي ﷺ:
فثبت الله ما أعطاك من حسن ... تثبيت موسى ونصرًا كالذي نصروا
فأقبل النبي ﷺ بوجهه، فقال: " وإياك فثبت الله يا بن رواحة ".
ومن الشعراء من يسبق إليه بيت واثنان، وخاطره في غيرهما: يجب أن يكونا بعد ذلك بأبيات، أو قبله بأبيات، وذلك لقوة طبعه، وانبعاث مادته، ومنهم من ينصب قافية بعينها لبيت بعينه من الشعر مثل أن تكون ثالثة أو رابعة أو نحو ذلك لا يعدو بها ذلك الموضع إلا انحل عنه نظم أبياته، وذلك

1 / 210