al-ʿIqd al-manzum fi dikr afadil al-Rum
العقد المنظوم في ذكر أفاضل الروم
Publisher
دار الكتاب العربي - بيروت
Genres
ومنهم المعروف بدده خليفة
كان رحمه الله من نواحي قصبة سونسه من بعض الاتراك وكان في اول الامر من أصحاب البضائع مشتغلا ببعض الصنائع وعالج صنعة الدباغة سنين حتى أناف عمره على عشرين وما قرا حرفا من العلوم وما اجتمع بواحد من ارباب الفهوم ثم من الله تعالى عليه بأكبر آلائه فصار من أعيان عصره وعلمائه كان رحمه الله مشتغلا بعمل الدباغة في بلدة أماسيه فاتفق انه جاء بها مفت من علماء ذلك العصر فاجتمع فرقة من أعيان البلدة المزبورة لضيافة المفتي المزبور فذهبوا به الى بعض الحدائق وذهب المولى المزبور متلطفا لبعض ارباب المجلس فلما باشروا أمر الطعام طلبوا من يجمع لهم الحطب والمرحوم قائم على زي الدباغين الجهلة فقال المفتي المزبور مشيرا الى المرحوم ليذهب اليه هذا الجاهل ففهم منه المرحوم ازدراءه لشأنه وعلم انه ليس ذلك الا من شائبة الجهل وذهب الى جمع الحطب وفي نفسه تأثر عظيم من ازدرائه وتحقيره فلما بعدعنهم نزل على ماء هنالك وتوضا منه وصلى ركعتين ثم ضرب وجهه على الارض وتوجه بكمال التضرع والابتهال الى جناب حضرة المتعال وطلب منه الخلاص من ربقة الجهل والنقصان واللحوق بمعاشر الفضل والعرفان متكلا على قوله تعالى فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان ثم قام وأخذ من الحطب ما يتحمله وجاء الى المجلس وفي وجهه جراحات تدمي من شدة مسح وجهه بالتراب فتضاحك القوم منه وظنوا ان ذلك من مصادمة الاشجار عندالاحتطاب فلما تم المجلس قام المرحوم وقبل يد المتفي وقال اريد ترك الصناعة والدخول في طلب العلم فقال المفتي ابعد هذا تطلب العلم وهو لا يحصل الا بجهد جهيد وعهد مديد وعزم صادق وحزم فائق ولا بد من خدمة الاستاذ اكثر من المعتاد وأنت لا تتحمل بهذه المشاق ولا تحتمل ذلك الوثاق فتضرع المرحوم وأبرم عليه في القبول الى ان قبله المفتي لخدمته ورضي بتعليمه فلما اصبح باع ما في حانوته واشترى مصحفا وذهب الى باب المفتي وبدأ في القراءة وقام في الخدمة الى ان حصل مباني العلوم ودخل في سلك ارباب الاستعداد وتحرك على الوجه المعتاد حتى صار معيدا لدرس المولى سنان الدين المشتهر بالق في مدرسة السلطان مراد بمدينة بروسه
Page 374