al-ʿIqd al-manzum fi dikr afadil al-Rum
العقد المنظوم في ذكر أفاضل الروم
Publisher
دار الكتاب العربي - بيروت
Genres
وممن خاض غمار المجاهدات واقتحم اخطار مشاق العبادات وتسنم في طريق الحق
على تلاله ووهاده وجاهد في الله حق جهاده وافنى عمره في زاوية الزهد والعبادة شيخنا الشيخ مصلح الدين ابن الشيخ علاء الدين المشتهر بجراح زاده
ولد الشيخ رحمه الله بمدينة ادرنه في شهر صفر سنة احدى وتسعمائة ونشأ طالبا للعلم والمعارف وساعيا في اقتناء شوارد اللطائف وقرا رحمه الله مدة كتاب المفتاح باتقان وتحقيق على المولى لطف الله ابن المولى شجاع وهو مدرس في مدرسة الجامع العتيق ثم افاض الله تعالى عليه مجال رحمته من شآبيب لطفه ورأفته فهبت عليه نسائم الزهد والصلاح وناداه منادي الفوز والصلاح فأجابه بالسمع والطاعة وتحمل مشاق العبادات بقدر الاستطاعة وتبتل الى الله سبحانه وجد واجتهد حتى علا اقرانه وقد سألته رحمه الله عن سبب سلوكه ودخوله في طريق الصوفية فقال رحمه الله كنت في اوائل حالي واوان طلبي في غاية الاعراض عن طريق الصوفية واتفق اني اجتمعت في بعض الليالي مع الاخوان والخلان وتجارينا في شجون الكلام وقضينا الوطر عما يكون وكان فنام كل من في المجلس فاذا بصيحة عظيمة واصوات مزعجة من طرف السماء فرفعت راسي فرأيت حجرا عظيم القدر نزل على البيت الذي كنا فيه فكسر السقف ونزل الى ساحة البيت وغاب في الارض فاستيقظ من هذه الصيحة العظيمة كل نائم من اهل المجلس واخذوا يتساءلون عنها ولم يطلعوا على شيء وعادوا الى النوم وحصل لي من ذلك دهشة عظيمة وكادت ان تذهب بلبي فقمت الى المجلس مرتاعا وازداد تأثري في كل وقت وحين الى ان يفتر عقلي ولم يبق لي من الروية الا القليل فنزلت الطريق وبعت جميع ملابسي الفاخرة وأنا على هذه الحالة من الاعراض عن طريق الصوفية وفي اثناء ذلك دعاني ابي اليها وكلمني في الدخول فيها وقابلته بالانكار والاعراض قال ولم اذكر حتى رفع الغطاء عن بصري وانكشف لي احوال القبور فكنت الازم المقابر وابيت عندها وكان اصحابي واقاربي في العذل والملامة وانا في عدم
Page 458