Cilm Wasim
العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم
Genres
وأما ما جرى بينه وبين ابن الزبعرى فما زعمه ابن الزبعرى لازما فغير صحيح؛ إذ لفظ (ما) لما لا يعقل ولذلك تركه النبي صلى الله عليه وآله لتعسفه وخروجه إلى المماراة والبهتان، ولو أن النبي صلى الله عليه وآله ناظر القوم بغير ما يقتضيه المقام لخرج عن حيز البلاغة التي هي في ذلك الوقت ناموس خطبائهم، وحلية رجالهم، ومآل مفاخرتهم فاتبع النبي صلى الله عليه وآله التي هي أحسن من مراعاة الكلام لمقتضى الحال والقرآن يفسر بعضه بعضا، قال تعالى: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم}[الأنعام:108] وقال تعالى: {وإذا مروا باللغو مروا كراما}[الفرقان:72] وقال النبي صلى الله عليه وآله: ((المؤمن ليس بلعان ولا طعان)) وغير ذلك، والابتداء باللين ثم الخشونة، وآخرة الداء الكي، وذلك السيف، هذا وفي كل حال والمعجزات الإلهية نازلة بهم مع القرآن وهي أفحم من أساليب المتكلمين.
وأما احتجاجه بخبر ابن عباس رحمه الله من أن النبي صلى الله عليه وآله صرح لقريش إلى قوله: ((فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد)) وخبر أبي موسى فكأنه غفل عن مقام النبي صلى الله عليه وآله فوق عشر سنين بين أظهرهم يدعوهم ويضرب لهم الأمثال، ويخبرهم بالمغيبات، ويتلو عليهم الآيات البينات، وينزل بهم الخوارق والمعجزات، ويهتف بهم الهواتف في القفار وفي الليالي المظلمات بعد أن تحداهم أن يأتوا بمثل سورة من القرآن العزيز فعجزوا وأفحموا عن معارضته فلذا رموه بالسحر والكهانة لما أفحمهم وأعجزهم كما رميتم أهل الكلام.
Page 220