59

Cilal Nahw

علل النحو

Investigator

محمود جاسم محمد الدرويش

Publisher

مكتبة الرشد

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م

Publisher Location

الرياض / السعودية

عوامل الْأَسْمَاء لَا تعْمل فِي الْأَفْعَال، وَيمْنَع هَذَا أَن إِضْمَار (أَن) بعْدهَا حسن، كَقَوْلِك جِئْت لِأَن تقوم، فَدلَّ على أَن النصب بإضمار (أَن) لَا بِاللَّامِ. وَاعْلَم أَن هَذِه اللَّام إِذا كَانَ قبلهَا نفي، لَا يحسن إِظْهَار (أَن) بعْدهَا، كَقَوْلِك: مَا كَانَ زيد ليقوم، وَلَا يحسن: مَا كَانَ زيد لِأَن يقوم. وَإِنَّمَا لم يحسن ذَلِك، لِأَنَّهُ جَوَاب لِقَوْلِك: كَانَ زيد سيقوم، فَتَقول: مَا كَانَ زيد ليقوم، فَلَمَّا كَانَت جَوَابا لشيئين، و(مَا) حرف لَا يعْمل، أَرَادوا أَن يكون الْجَواب أَيْضا بِحرف لَا يعْمل فِي الْفِعْل، ليشاكل كل الْجَواب مَا هُوَ جَوَاب لَهُ، فَلهَذَا لم يحسن إِظْهَار (أَن) . فَأَما (الْفَاء وَالْوَاو وأو): فحروف عطف، وحروف الْعَطف لَا تعْمل شَيْئا، لِأَنَّهَا لَا تخْتَص بِالدُّخُولِ على الْفِعْل دون الِاسْم، وَلَا بِالدُّخُولِ على الِاسْم دون الْفِعْل، وكل حرف كَانَ على هَذَا السَّبِيل لم يعْمل شَيْئا، فَلَمَّا وجدنَا الْفِعْل بعد هَذِه الْحُرُوف مَنْصُوبًا، علمنَا أَنه انتصب بغَيْرهَا، وَهُوَ (أَن) . فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم صَارَت (أَن) بالإضمار أولى من أخواتها؟ فَفِي ذَلِك وَجْهَان: أَحدهمَا: أَن (أَن) هِيَ الأَصْل لهَذِهِ الْحُرُوف فِي الْعَمَل لما ذَكرْنَاهُ، فَوَجَبَ أَن يكون الْمُضمر (أَن) لقوتها فِي بَابهَا، وَأَن يكون مَا حمل عَلَيْهَا يلْزم موضعا وَاحِدًا وَلَا يتَصَرَّف. وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن (أَن) يَليهَا الْمَاضِي والمستقبل، فَصَارَت أَشد تَصرفا من أخواتها، لِأَنَّهُ لَا يَليهَا إِلَّا الْمُسْتَقْبل، فَلَمَّا حصلت لَهَا مزية على أخواتها فِي الْإِظْهَار

1 / 195