ʿIlal al-naḥw
علل النحو
Editor
محمود جاسم محمد الدرويش
Publisher
مكتبة الرشد
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م
Publisher Location
الرياض / السعودية
Genres
Grammar and Morphology
الِاسْتِقْرَار، أَلا ترى أَنه لَا يحسن أَن تَقول: هدمت خَلفك وَلَا قدامك، كَمَا تَقول: هدمت الدَّار، ولهذه الْعلَّة جَازَ حذف حرف الْجَرّ مِنْهَا، فَأَما مَا كَانَ من ظروف الْمَكَان مَخْصُوصًا، نَحْو: الدَّار، وَالْمَسْجِد وَمَا أشبه ذَلِك، فلهذه خلف، كزيد وَعَمْرو، أَلا ترى أَنه لَا تسمى كل بقْعَة بِمَسْجِد، وَلَا دَار، فَلَمَّا جرت هَذِه الظروف مجْرى زيد وَعَمْرو، وَجب أَلا يتَعَدَّى الْفِعْل إِلَيْهَا إِلَّا بِحرف الْجَرّ.
فَإِن قَالَ قَائِل: من أَيْن زعمتم أَن الأَصْل فِي جَمِيع هَذِه الظروف أَن يكون الْفِعْل مُتَعَدِّيا إِلَيْهَا بتوسط حرف الْجَرّ؟
قيل لَهُ: لِأَن الْأَفْعَال الَّتِي تتَعَلَّق بهَا وتنصبها غير متعدية، كَقَوْلِك: قُمْت يَوْم الْجُمُعَة، وَقمت لَا يتَعَدَّى، وَلما كَانَت الْأَفْعَال لَا تتعدى، تعدت بِحرف الْجَرّ، فَكَانَت هَذِه الظروف مَفْعُولا فِيهَا فِي الْحَقِيقَة، وَجب أَن يكون الأَصْل: قُمْت فِي يَوْم الْجُمُعَة، فَحذف حرف الْجَرّ - لما ذَكرْنَاهُ - وَوصل الْفِعْل.
فَإِن قَالَ قَائِل: أَلَيْسَ الْحَال مَفْعُولا فِيهَا، فَهَل تقدر تَقْدِير حرف الْجَرّ فِيهَا كتقديره فِي الظروف؟
قيل لَهُ: الْحَال وَإِن كَانَت فِي معنى الْمَفْعُول فَلَيْسَ حرف الْجَرّ مُقَدرا فِيهَا كتقديره فِي الظّرْف، فَتحل الْأَفْعَال فِيهِ فتنصبه، وَالْحَال هِيَ الِاسْم الَّتِي هِيَ مِنْهُ، فَاعِلا كَانَ أَو مَفْعُولا أَو مجرورا، كَقَوْلِك: جَاءَ زيد مسرعا، فالمسرع هُوَ زيد، وَلَيْسَ بظرف، فَوَجَبَ أَن يكون (مسرع) لَيْسَ بظرف لَهُ، وَلكنه مشبه بالظروف، إِذْ كَانَت الْحَال تذكر على طَرِيق تَوْقِيف الْفِعْل وتبيينه، وَكَيف وَقع، كَمَا يبين الظّرْف إِن وَقع، فشابهت الْحَال للظروف، فَقيل: مَفْعُولا فِيهَا على
1 / 368