بشماله ، فقطعها ، فاحتضن المصحف بصدره ، فضرب على صدره حتى قتل. رحمه الله.
فنظرت إليه أمه وقد قتل ، فأنشأت تقول أبياتا مطلعها.
يا رب إن مسلما أتاهم
بمحكم التنزيل إذ دعاهم
** « إلتحام الجيشين »
عند ذلك رفع علي (ع) رايته إلى ابنه محمد بن الحنفية ، وقال تقدم يا بني فتقدم محمد ، ثم وقف بالراية لا يبرح. فصاح به علي (ع) اقتحم ، لا أم لك فحمل محمد الراية فطعن بها في أصحاب الجمل طعنا منكرا وعلي ينظر ، فأعجبه ما رأى من فعاله ، فجعل يقول :
إطعن بها طعن أبيك تحمد
لا خير في الحرب إذا لم توقد
بالمشرفي والقنا المسدد
فقاتل محمد بن الحنفية ساعة بالراية ثم رجع ، وضرب علي (ع) بيده إلى سيفه فاستله ، ثم حمل على القوم فضرب فيهم يمينا وشمالا ، ثم رجع وقد انحنى سيفه ، فجعل يسويه بركبته ، فقال له أصحابه : نحن نكفيك ذلك يا أمير المؤمنين! فلم يجب أحدا حتى سواه. ثم حمل ثانية حتى اختلط بهم ، فجعل يضرب فيهم قدما حتى انحنى سيفه ، ثم رجع إلى أصحابه ووقف يسوي السيف بركبته وهو يقول : والله ما أريد بذلك إلا وجه الله والدار الآخرة ، ثم التفت إلى ابنه محمد بن الحنيفة وقال : هكذا إصنع يا بني!
ثم حملت ميمنة أهل البصرة على ميسرة أهل الكوفة كفشفوهم إلا قليلا منهم ، وحملت ميمنة أهل الكوفة على ميسرة أهل البصرة فأزالوهم عن مواقفهم ، وثبت الناس بعضهم لبعض فاقتتلوا ساعة من النهار وتقدم مخنف الأزدي من أصحاب علي وقاتل حتى جرح ، وتقدم أخوه الصعب بن سليم
Page 144