142

فقال علي رضي الله عنه : يا عائشة! عما قليل ليصبحن نادمين.

وقام علي رضي الله عنه في الناس خطيبا رافعا صوته فقال : أيها الناس إذا هزمتموهم فلا تجهزوا على جريح ولا تقتلوا أسيرا ، ولا تتبعوا موليا ، ولا تطلبوا مدبرا ، ولا تكشفوا عورة ، ولا تمثلوا بقتيل ، ولا تهتكوا سترا ، ولا تقربوا شيئا من أموالهم إلا ما تجدونه في عسكرهم من سلاح أو كراع أو عبد أو أمة ، وما سوى ذلك فهو ميراث لورثتهم على كتاب الله.

وجعل أهل البصرة يرمون أصحاب علي بالنبل حتى عقروا منهم جماعة ، فقال الناس : يا أمير المؤمنين ، إنهم قد عقرتنا نبالهم فما انتظارك؟

فقال علي رضي الله عنه : اللهم إني قد أعذرت وأنذرت فكن لي عليهم من المساعدين.

التحاكم إلى كتاب الله ومقتل حامله

ثم دعا علي (ع) بالدرع فأفرغه عليه ، وتقلد بسيفه ، واعتجر بعمامته ، واستوى على بغلة رسول الله (ص) ثم دعا بالمصحف الشريف ، فأخذه بيده ثم قال : أيها الناس ، من يأخذ هذا المصحف فيدعوا هؤلاء القوم إلى ما فيه!؟ فوثب غلام من مجاشع يقال له : مسلم ، عليه قباء أبيض ، فقال : أنا آخذ يا أمير المؤمنين!

فقال له علي : يا فتى إن يدك اليمنى تقطع ، فتأخذه باليسرى فتقطع ، ثم تضرب عليه بالسيف حتى تقتل؟

فقال الفتى لا صبر لي على ذلك.

فنادى علي ثانية والمصحف في يده ، فقام إليه ذلك الفتى وقال : أنا آخذه يا أمير المؤمنين ، فهذا قليل في ذات الله.

ثم أخذ الفتى المصحف وانطلق به إليهم ، فقال : يا هؤلاء! هذا كتاب الله عز وجل بيننا وبينكم.

فضرب رجل من أصحاب الجمل يده اليمنى فقطعها ، فأخذ المصحف

Page 143