واستدل الأولون باختلاف الناس في الدماء والقود فيها والقصاص. فإذا جاز للحاكم أن يحكم في الدماء بالقود زمانا ويجوز لغيره أن يبطل القود فيها وكل سائغ فكذلك هذه. على أن الأحكام في الدماء تختلف بأسباب. وإن اختلفت في الأحكام فلا تختلف في المعصية. وأما/ دم عثمان فمعلوم بالنص ولا مخالف لقول الله تعالى: { فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا } (¬1) الآية. وإنما الاختلاف إنما كان هل بغي عثمان أو لم يبغ. وقد وقع الإجماع على طلحة والزبير أنهما نكثا البيعة. فإن سوغ لهما على الإجتهاد ولعلهما المحقان دونه. أي اجتهاد في نكث البيعة؟!!.
وأما الحرم الأربعة التي انتهكوا منه فأولاها حرمة الخلافة، وحرمة الشهر الحرام، وحرمة الصحبة، وحرمة الإسلام أما الخلافة فحرمتها الأمانة، فإن خالف إلى الخيانة زالت الأمانة، فإن زالت الأمانة زالت حرمة الخلافة وثبت حكم البغي. وأما حرمة الشهر الحرام فقد عادت حرمة الشهر الحرام كحرمة الشهر الحلال ولن تعيذ (¬2) حرمتها باغيا بعد حكم الله تعالى فيه بالقتل والقتال. وأما حرمة الصحابة. قال الله تعالى: { فمن نكث فإنما ...... أجرا/ عظيما } (¬3) وقال: { ومن كفر
بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون } (¬4) . وقال: { وعد الله ................ عظيما } (¬5) .
Page 312