والفرقة الأولى محقة، والفرقتان المتوستطان هالكتان، والرابعة يسعها ما لم تقع البلوى، وهو ولاية الظالم وبراءة السالم أو قطعوا عذر الناس في خلافهم.
وأما الفرقة الثانية من الهالكتين فالحكم فيهم حكم عمار، فإنهم عكسوا ونكسوا وأصبح نهارهم ليلا ووزنهم كيلا. وأخبرهم المهاجرون والأنصار شهداء الله في بلاده والحكم على عباده// { فاستغشوا ....... استكبارا } (¬1) . { أولئك الذين طبع الله على قلوبهم .. } (¬2) لا يؤمنون حتى يروا العذا الأليم.
وأما الفرقة الثالثة التي قالت قد ظلم وتاب ورجع وأناب وهي عائشة أم المؤمنين وأصحاب الجمل قضى نصف الحاجة فيما نسب إليه من الجور والظلم قد وقع عليه الاتفاق، ووقع الاختلاف في التوبة. فالناس على الأصل والمدعي التوبة متكلف. وقد قال الأحنف بن قيس لأمنا عائشة أم المؤمنين: أتاب عثمان با أماه بعدما قتل؟ قالت نعم يا بني. فلما خرج قالت لها النسوة اللائي بين يدها: أتدرين ما قال لك قال لك: أتاب عثمان بعدما قتل. قلت له نعم. فغضبت عائشة وقالت أي يجم الأحنف سفهه، أغره أن قيل حليم؟! فهذه الفرقة قد التحقت بأختها ولم يزيدوا في إقراهم على عثمان بالظلم إلا حجة.
اختلف/ الصحابة في الحكم في هذه الفتنة. قال بعضهم: إنها مسألة اجتهاد. وإن المصيب فيها مصيب والمخطيء معذور.
وقال بعضهم: إن كل مجتهد مصيب. وهذا قول علي بن أبي طالب وهو قوله في عثمان وأهل الدار وأهل الجمل وصفين والنهروان وقد ترحم على طلحة بعد نكثه الصفقة. وروى: قاتل ابن صفية في النار. وترحم على محمد بن طلحة وعلى عثمان. ونهى عن قتل محمد بن طلحة. وقال أهل الحق إنها مسألة ديانة، المحق محق، والمخطيء هالك (¬3) .
Page 311