142

Cadhra Quraysh

عذراء قريش

Genres

قالوا: «نعم». قال: «افعلوا ما أردتم!»

وكانت أسماء تسمع الجدال وهي تتميز غيظا، ولكنها لا تجرؤ على الكلام تهيبا من علي.

وبعد قليل جاء أبو موسى الأشعري وعمرو، فدخلا على علي ليكتبا القضية بحضوره وهي صورة عقد التحكيم، فبدءوا بكتابة: «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تقاضى عليه أمير المؤمنين ...» فاعترض عمرو قائلا: «هو أميركم وليس أميرنا»، وطال الجدال في ذلك حتى وقع نفور شديد بين علي وعمرو. وانتهى الأمر إلى أن يكتب العقد على هذه الصورة:

بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، قاضى علي على أهل الكوفة ومن معهم، وقاضى معاوية على أهل الشام ومن معهم؛ أننا ننزل عند حكم الله وكتابه وألا يجمع بيننا غيره، وأن كتاب الله بيننا من فاتحته إلى خاتمته نحيي ما أحيا ونميت ما أمات. فما وجد الحكمان في كتاب الله، وهما أبو موسى عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص، عملا به. وما لم يجداه في كتاب الله فالسنة العادلة الجامعة غير المفرقة .» وأخذ الحكمان من علي ومعاوية ومن الجندين من العهود والمواثيق أنهما آمنان على نفسيهما وأهليهما، والأمة لهما أنصار على الذي يتقاضيان عليه، وعلى عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص عهد الله وميثاقه أن يحكما بين هذه الأمة لا يردانها في حرب ولا فرقة حتى يعصيا. وأجل القضاء إلى شهر رمضان، وإن أحبا أن يؤخرا ذلك أخراه. وإن مكان قضيتهما مكان عدل بين أهل الكوفة وأهل الشام.

ويلي ذلك أسماء الشهود.

وقد كتب هذا العقد في 13 صفر سنة 37ه.

ولما تمت الكتابة تلي العقد على الناس، وانفض المجلس ولجأ الجنود إلى الهدنة ريثما يحل الأجل المضروب لمجلس التحكيم.

وتراجع الناس عن صفين وهم علي بالنزوع إلى الكوفة، فجاءته أسماء في ساعة كان فيها مختليا، وقبلت يده فسألها عن حالها وما تم لها بعد سفرها، فقصت عليه خبرها وما حملها على القدوم قبل مقابلة القسيس، فأثنى على غيرتها ودعاها إلى الذهاب معه إلى الكوفة.

فقالت: «حبذا الأمر! ولكنني أقرب الآن إلى أنطاكية مني إلى الكوفة، فأذن لي بالذهاب إليها فقد آن لي أن أعرف نسبي.» فأطرق علي برهة يتأمل، فخافت أن يكون في شاغل آخر فودعته وخرجت على أن تعود يوم التحكيم لتسمع حكم الحكمين.

وكان المسلمون في انتظار ذلك اليوم لأنه سيكون عظيما، ولم تفتقد محمدا لأنها علمت أنه في مصر يتولى أمورها. •••

Unknown page