وتقدم رجل من خاصة علي، فقال: «نرى الناس قد قبلوا ما دعوا إليه من حكم القرآن، فهل تأذن في أن نسمع ما يدعونا معاوية إليه من هذا الأمر؟»
قال علي: «سر إليه واسأله.»
فذهب ثم عاد وهو يقول: «سألت معاوية عما حمله على رفع المصاحف، فقال: «الرجوع إلى ما أمر به الله في كتابه، فابعثوا رجلا ترضون به ونبعث نحن رجلا نرضى به، نأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله لا يتعديانه، ثم نتبع ما اتفقا عليه.»
فقال علي: «قبلنا، فأي رجل اختاروا؟»
قال: «اختاروا أن ينوب عنهم عمرو بن العاص.»
فالتفت علي إلى من حوله وقال: «ومن تختارون أنتم؟»
قالوا: «نختار أبا موسى الأشعري.»
فأجفل علي وقال: «لا! لا! إنكم لم تصيبوا، وقد عصيتموني في أول الأمر فلا تعصوني الآن. لا أرى أبا موسى كفئا لابن العاص، وهو مع ذلك ليس بثقة، فقد فارقني وخذل الناس عني، ثم هرب مني حتى أمنته بعد أشهر. فكيف نركن إليه في هذا التحكيم؟! هذا ابن عباس أوليه ذلك.»
فصاحوا بصوت واحد: «والله لا نريد إلا رجلا هو منك ومن معاوية سواء!» قال علي: «فإني أجعل الأشتر.»
قالوا: «وهل سعر الأرض غير الأشتر؟» قال: «قد أبيتم إلا أبا موسى؟»
Unknown page