122

Cadhra Quraysh

عذراء قريش

Genres

ولم يتم كلامه حتى رأى الناس في هرج يصيحون: «جاء أمير المؤمنين.» ثم وصل علي، وكانت عائشة قد تهيأت للسفر وأعد لها الهودج، وجاء الناس لوداعها فخرجت لوداعهم. فلما رأت عليا قالت وهي تنظر إلى الناس: «يا بني، لا يعتب بعضنا على بعض، إنه والله ما كان بيني وبين علي في القديم إلا ما يكون بين المرأة وبيت أحمائها! وإنه على معتبي لمن الأخيار.»

فقال علي: «صدقت والله، ما كان بيني وبينها إلا ذاك، وإنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة.» ثم قال لمحمد: «سر يا محمد مع أختك إلى مكة.»

فلما سمعت أسماء هذا الأمر اضطرب قلبها ونظرت إلى محمد ونظر هو إليها، ففهم كل منهما ما في ذهن الآخر. •••

وكان الحسن قد جاء مع أبيه لوداع أم المؤمنين، فرأى أسماء وقد علم بما أظهرته من الغيرة على الإسلام فازداد حبه لها وصمم على خطبتها وهو لا يعلم ما بينها وبين محمد. ثم علم أن أباه عازم على السير إلى الكوفة لأخذ البيعة كما أخذها في البصرة.

وكانت أسماء لما ودعت محمدا عادت إلى عزمها على التوجه إلى الشام لملاقاة القسيس مرقس وسؤاله عن أبيها، وقد أصبح هذا الأمر شغلها الشاغل، فأتت عليا بعد سفر محمد لتودعه وتخبره بعزمها وتسأله رفيقا ودابة فلم تستطع مقابلته لكثرة المبايعين، فصبرت حتى سار ومن معه إلى الكوفة فسارت مع السائرين.

وقضت في الكوفة أياما كأنها على جمر الغضا، حتى أصبحت يوما وقد ملت الانتظار فصممت على الاستئذان في السفر، فسألت عن علي فقيل لها إنه في مجلسه وحده، فاستأذنت في الدخول عليه فأذن لها. فدخلت فإذا هو جالس في قاعة واسعة ليس فيها أحد سواه، فلما رآها هش لها ورحب بها، فهمت بتقبيل يديه وهي تقول: «نحمد الله على ما أولانا من نعمة في إحقاق الحق، ونشكره على ما أولاك من النصر.»

فتنهد وقال: «كنت أود أن تنتهي الفتنة ولا يسفك فيها دم، ولكنها أبت أن تنام إلا على فراش من الدماء.» قال ذلك وسكت، ثم قال: «وكنت عازما على استقدامك إلي لأشكرك على سعيك في هذا الأمر، فقد سعيت فيه سعيا حميدا.» فأطرقت ولم تجب.

فقال لها: «ولنا فوق ذلك اقتراح نقترحه عليك عساه أن ينال موافقتك.»

فقالت: «إني أمة إذا أمرت أطعت.»

قال: «إننا نود استبقاءك عندنا فتكونين بمنزلة ولدنا.»

Unknown page