Budur Mudia
البدور المضيئة
Genres
فلما وصلت إلينا هذه الجوابات الفريدة، والحكم البديعة المفيدة، التي بها تنشرح الصدور، وبالتملي فيها يحصل الفرح والسرور، كشفت عنا غياهيب الظلم، وأهدت إلينا بدائع الحكم، وأذهبت عنا الهموم، ورفعت الهمم، فلقد اشتملت على معان سطع صباحها مستنيرا، وظهر شعاعها مستطيرا، حتى صارت مشرقة الجو مغدقة النو، مونقة الضوء، تضعف الخواطر عن إدراك معانيها، وتصغر القرائح عن اقتراح ما يساويها، قد عم نورها عند وصولها الآفاق، وسمت وارتفعت على طويلات الأعناق، فهي بلا شك مغناطيس النفوس، والأمان من كل بؤس، والروضة الجامعة لكل بلاغة أنيقة، والمحتوية على كل معنى حسن وفصاحة غديقة، سقت سماء المعاني أرض ألفاظها فنبتت بأحكام ومعاني زكى نباتها، وأينعت ثمارها فهزتها لواقح الأفكار والأنظار فتساقط ثمارها، فلا يبرح الناظر مستخرجا للدر الحسان، إلى أن ينتهي إلى ما لا يخطر على الأسماع والأذهان، لم يترك مقفلا إلا فتحه وكشفه، ولا مختوما إلا أذهب خاتمه وعرفه، فعاد الظلام منها ضياء ونورا، وابتهج القلب بها سرورا، كيف لا تكون كذلك، ومنشيها ومرصع درر ألفاظها وموشيها،هلال هالة العلماء الأطهار، وفرع الأئمة البدور المتلألئة الأنوار، والهادية إلى دار القرار، من له اليد الطولى في معجزات البلاغة، الفائق لأبناء زمانه في الفصاحة، من خاض في بحار العلوم فاستخرج الدقائق ووقف على خفيات الحقائق، بقية العلماء المعتبرين، وخلاصة الآل الأكرمين مولانا أمير المؤمنين وسيد المسلمين المهدي لدين الله رب العالمين أيد الله الدين ببقائه، وضاعف به الرحمة على أوليائه، وأعظم به النقمة على أعدائه، وأحيا به الميت من الإسلام، وأشاد به ما اندرس من الأحكام، وكان له خير ناصر ومعين، وحفظه بما حفظ به الذكر المبين، بحق محمد وآله الأكرمين، وبعد أن تأملت ما احتوت عليه، وتفهمت ما تضمنت وأشارت اليه، قلت:
هذي الرياض التي قد راقت البصرا .... فسرح الطرف فيها تبلغ الوطرا
كانت مسائلنا ليلا فلاح لها .... نور يضئ كضوء الشمس إذ ظهرا
كانت مسائلنا بكرا مختمة .... ففضها من لبيت المجد قد عمرا
قد أطفأت نار كربي إذ رأيت بها .... سؤلي وشاهدت ماللعقل قد بهرا
سلت على جيش همي سيف نصرتها .... فانسل همي لواذا خائفا حذرا
وذقت منها جنيا من فواكهها .... لو ذاقه من براه سقمه لبرا
وكيف لا وهي ممن طاب عنصره .... لولا سناه لبدر التم ما ظهرا
العالم الكامل المشهور من ظهرت .... له الفضائل حتي فاق واشتهرا
بأمره قد أقام الله عثرتنا .... مذ قام فهو لدين الله قد نصرا
حاوي المفاخر لا تخفى فضائله .... إلا على أبله لا يعرف القمرا
نمت به دوحة زيتونة ظهرت .... مشكاة مصباحها قد ضاهت الدررا
يملي العلوم التي أمواجها زخرت .... فالبحر من أجله قد صار مستترا
فالله ينصر رايات له نشرت .... على العدو الذي بالكفر قد شهرا
والله يبقيه للاسلام ملتجأ .... غوثا مغيثا كمثل النو إذ مطرا
Page 108