وبه نستعين الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وهاديا إلى الطريق المبين، وعلى آله المصطفين الذين أورثهم الكتاب والحكمة، وجعلهم هداة هذه الأمة أجمعين.

أما بعد: فيقول العبد الفقير إلى الملك الكبير عبد الله أمير المؤمنين المهدي لدين الله رب العالمين محمد بن القاسم بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسين بن على بن عبدالله بن أحمد بن على بن الحسين بن على بن عبدالله بن محمد بن أمير المؤمنين المؤيد برب العزة يحيي بن حمزة عليهم السلام، هذه جوابات الأسئلة الضحيانية، والمشكاة النورانية ، الواردة من الجهة الشامية، مهابط البركة والأنوار، ومواطن السادات والعلماء الصالحين الأخيار .

Page 1

أوردها القاضي العلامة الحلاحل([1])، والخريت الماهر الماثل، شمس سماء المعارف، وغيث نداها الواكف، برهان الإسلام صارم الدين الولي بن الولي إبراهيم بن عبدالله الغالبي أدام الله فوائده، وأجزل صلاته وعوائده، وصادف وصولها عند الحركة السعيدة من الجهة البرطية إلى الديار الحاشدية لإحياء فريضة الجهاد ، والقيام ببعض حقوق رب العباد ، فكانت الأجوبة عنها على حسب الإمكان مع تكاثر الأشغال واعتوار عوامل الأفعال ، وبعد كتب المطالعة بسبب الانتقال، وكان أبقاه الله قد يسر بالرخصة ، وأحسن بالتوئدة ، والله المسئول أن يتولى إعانة الجميع في كل الأمور، وأن يصلح الراعي والرعية إنه عليم بذات الصدور، ولابد من إيراد لفظ السؤال ثم الجواب .

قال أيده الله تعالى :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بحمده تنال الدرجات، وبلطفه وتوفيقه تحل المشكلات، الملزم لمن جهل شيئا سؤال العلماء العاملين، وجعل العلم وراثة في صلب خاتم النيئين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد فاتح باب العلوم لمن ورد وصدر، المنزل عليه {وأما السائل فلا تنهر}، وعلى آله وارثي علمه كما ورد به الأثر.

Page 2

وبعد: فهذه أسئلة من فنون شتى طالبا من العلماء الأعلام حل مشكلها، وفتح مقفلها، وتبيين عللها وأدلتها ، غير مكتف من المجيب بذكر الأقاويل، بل طالبا من المجيب نصب الدليل وإيضاح السبيل ، إذ ليس القصد تقليده فيما أفتى، ولا نقل ما قد قاله في المسألة بعض العلماء من غير دلالة شرعية، ولا أمارة مرضية، خصوصا في المسائل الفقهية والأصولية، فليفد العلماء بالجواب، وليريحوا بذكر الكلام المستطاب ، أعاد الله من بركاتهم ومتع المسلمين بحياتهم.

Page 3

AUTO (1) السؤال الأول( في أهوال يوم القيامة)

| AUTO (1) السؤال الأول( في أهوال يوم القيامة)

AUTO هل يفزع منها المؤمن وغيره، أم مخصوصة بالمنافق ونحوه؟ إن

| AUTO هل يفزع منها المؤمن وغيره، أم مخصوصة بالمنافق ونحوه؟ إن

|| AUTO هل يفزع منها المؤمن وغيره، أم مخصوصة بالمنافق ونحوه؟ إن

قلتم بالأول فقد قال تعالى: {وهم من فزع يومئذ آمنون} ، {لا يحزنهم الفزع الأكبر} ، {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون} ، وإن قلتم بالثاني فقد ورد في الأحاديث أن الفزع يعم المؤمن وغيره، بل والأنبياء حتى يجثوا على الركب، ويؤكده قوله تعالى: {ففزع من في السماوات ومن في الأرض} فما الجواب في ذلك بالدليل الواضح؟.

*الجواب الأول ( والله الموفق والهادي إلى الصواب):

أن أهوال يوم القيامة لا يفزع منها المؤمن ولا يحزن، لأن الفزع والحزن الحقيقيين نوع من الألم، والألم نوع من العذاب، والمؤمن غير معذب قطعا، لأنه قد صار من عند الموت في أول موقف من مواقف الآخرة التي هي دار الثواب والجزاء ، وهذا هو الذي دلت عليه الأدلة المحكمة من الكتاب والسنة ، مثل ما ذكره السائل من الآيات، ومثل قوله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ، نحن أولياؤكم في الحيوة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون} ، ولا شك أن أحدا لا يشتهي الفزع والحزن ، وهذا هو اللائق بعدل الله تعالى وحكمته، فيجب المصير إليه ، وحمل ما عارضه من الأدلة عليه ، وحينئذ يجب تأويل مثل قوله تعالى: {وترى كل أمة جاثية} وقوله تعالى: {ففزع من في السماوات ومن في الأرض} وهو ممكن الجمع إما بالتعميم والتخصيص بأن هذه عمومات مخصصة بأدلة المؤمن لأن المؤمنين هم القليل ، أو التأويل بأن المعنى بالفزع ونحوه ما يشاهدونه من الوقيعة بغيرهم من العصاة ، وكون هذا اليوم عظيما فيه الإنصاف والجزاء ، وتمييز الخبيث من الطيب مع طمأنينة القلب بالسلامة، والبشارات للمؤمن بأنك لا تخف ولا تحزن ، فهذا ما تقتضيه الأدلة والقواعد الأصولية.

Page 4

وأما قوله تعالى: {ففزع من في السماوات ومن في الأرض}([13]) فالمعنى الظاهر في تفسير هذه الآية الكريمة، أن المراد به الموت الذي لابد أن يجري على كل حي، لأنها عبارة عن النفخة الأولى، ولهذا لم يذكر الفزع في النفخة الثانية في قوله تعالى: {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} وقد قيل إن ما قبل ثم وما بعدها مدة لا يعلم قدرها إلا الله تعالى.

Page 5