20
في كل مرة إذا ما ناداني إنسان وقت الأكل! هم يظنون أن وجودي هنا هو من أجلهم فقط!»
وبعد مثل تلك المهازئ، وبعد إبداء ذلك «الملكي» ازدراءه للأمراء، يسمع ذلك الطاغية المحكوم عليه بالخدمة تحسرا مؤثرا، ويدخل البهو متأخرا ذات مساء من شهر نوفمبر بعد مباحثات طويلة مع وزراء دول جنوب ألمانية، ويطلب جعة، ويتأوه، ويقول: «آه! كنت أفكر مرة أخرى في أمر سبق أن فكرت فيه مرات كثيرة، ويا لجلال ما يكون لو قيض لي أن أقول في خمس دقائق: سيكون هذا، ولن يكون غير هذا! ويا ليتني أجد مالا أزعج به نفسي بكلمة «وبما أن» وكلمة «وعليه» مساوما مبرهنا على أتفه الأمور! ويكون قليل تبديد للوقت مع أناس كفردريك كانوا جنودا عارفين بعض الشيء من سير الأمور عاملين كوزراء دولتهم، وكان نابليون كفردريك في هذا الشأن، ولكن يجب على المرء هنا أن يتكلم دوما ويرجو دوما!» ويقول بعد هنيهة: «ذلك كابوس على صدري ! ذلك يمنعني من التنفس! ليت الإنسان أمير ألماني! كان يمكنني أن أكون شديدا، ولكنني لست أميرا ألمانيا!»
ويلخص لغز وضعه ومأساة حياته بتلك الكلمات القليلة الحاقدة التي دمدم بها حسيرا ذات مساء وقتما كان يشرب جعة، فهو قد ولد ليسود، وهو قد اختير ليخدم، والعالم لا يروقه، وما يحب أن يفعل، وما عليه أن يصنع، فيلوح أنه قبضته، بيد أنه إذا ما بسط يده أرخى أمير ستارا زجاجيا من عل مقصيا القطب السياسي ملزما إياه بالانتظار خارجا، أجل ليت الإنسان أمير ألماني!
الفصل العشرون
«عاد الوضع غير ما كان عليه في شهر سبتمبر، فإذا ما زلتم تقولون: إننا لا نسلم حجرا واحدا من حصوننا عد البحث في الأمور لغوا»، هذه هي الكلمة الأولى التي خاطب بسمارك بها جول فافر عندما زاره هذا الأخير في آخر شهر يناير للمرة الثانية؛ أي عندما كان الألمان يحاصرون باريس منذ ثلاثة أشهر. ويضيف بسمارك إلى ذلك قوله: «إنك تشيب - يا جناب الوزير - أكثر مما كنت عليه حينما رأيتك في المرة الأولى، ومهما يكن الأمر فقد وصلت متأخرا، فوراء الباب هنالك ينتظر سفير نابليون، فسأفاوضه ... ولم أفاوضك؟ ولم أعطي جمهوريتكم مظهرا شرعيا؟ لم تؤلف جمهوريتكم من غير شرذمة قليلين من المردة، ولو عاد إمبراطوركم لحق له أن يقتلكم رميا بالرصاص كخائنين.»
فافر: «يؤدي هذا إلى الفوضى وإلى الثورة.»
بسمارك :
أأنت واثق بذلك؟ لا أرى في حربكم الأهلية ما يؤذينا نحن الألمان!
فافر :
Unknown page