26

Bayrut Baka Laylan

بيروت البكاء ليلا

Genres

والماجدة تزحف ببطء طويل سلحفائي إلى حد التوقف في حيزها الضيق على أربع كمثل رضيع داخل رحم.

وتذكره من فوره، ذلك الرحم الخالق، الذي توقف أمامه كثيرا في الأنتيكخانة، ومتحف الإنسان حين طالعه فور دخوله مهمهما أو هو مترنما على عادة الداخلين الغرباء: المعبود الأول.

الماجدة داخل الرحم.

قال: تسقط من الشباك.

أما الأخت طويلة عظم الوجه، فقط غطست طويلا في سباتها. سمراء أوصلت نيران المدفئة النحاسية بسقاطاتها جسدها أفخاذها إلى درجة من الاحمرار ضارب القتامة، مضت تمدد أطرافها مسترخية أكثر على كرسيها الواطئ إلى حد ملامسة بلاط الشقة.

تفرس في وجهها طويلا، حين انفرجت شفتاها المزمومتين الصارمتين عن كلمات أحجية لها طابع النصوص المحفوظة.

مد رقبته الطويلة النحيلة وهو يزحف طويلا إلى أن قارب حافة الفراش، وعيناه إن لم يكن انتباهه بكامله معلق بالصوت الكلمات، تيقظ حين قارب السقوط من الفراش، ولفحه أكثر وهج نيران فحم العنب المعبق المشعل.

ولما لم يسمع المهاجر شيئا بأكثر من الطلقات المتقطعة لحين الدوي المتقطع من العالية المبنجة، فقد زارته من جديد حكاية مدير البريد بشعره الذي خالط بياضه سواده، داخل مثلث نيران الميليشيات الفاشية، ثم وهم يضحكون.

الفصل الثامن

ما إن هب المهاجر العجوز من إغفاءته القصيرة تحت لسعات ضوء النهار المتسلل عبر ستائر الشرفة، وتحسس منظاره متطلعا، ورأى الوضع على حاله، حتى تسلل إلى حيث معطفه وحقيبته، فحملها مواصلا فراره.

Unknown page