وهنا أشار فؤاد الرفيع إشارة خفية بيده لابن شعبان معناها: طيب .. والله لأوريك.
ولكن ابن شعبان لم يتوقف ومضى يقول: فضلت أنا وده .. هو إكمنه أطول مني حب يديني هدر قمت أما شكيته مقص راح نازل على سنانه فالولاد ضحكوا عليه وفضلوا يضحكوا ويقولوا: إيدن أهه .. إيدن إهه .. العبيط أهه .. العبيط أهه .. فهو اتغاظ ومسك زلطة وراح خابطني في رأسي.
واندفع فؤاد يقول: أبدا والله .. إنت ستين كداب في أصل وشك .. والله يا بابا ما ضربته .. هو اللي وقع .. أنا مالي .. أنا ماضربتوش .. إحنا اتفقنا إن إذا غلبنا منهم اتنين يسلموا .. هو ما رضيش يسلم وقعد يزق فينا وإحنا نزق فيه فراح واقع على الأرض اتعور.
وكان إبراهيم أفندي يحاول إسكات ابنه طوال الوقت، ومع هذا فقد تغاضى عنه حتى عثر في كلامه على حجة وحينئذ أسكته ومط رقبته وسأل ابن شعبان: إنتوا اتفقتوا صحيح إن إذا اتنين اتغلبوا تسلموا؟
وانتظر الجميع الجواب بفارغ الصبر، كان كل من بالحجرة قد نسي من الجاني ومن المجني عليه واستحوذت اللعبة على تفكيره، الأولاد كفوا عن الدوشة، وأم نعيمة يدها في خصرها وأذنها متجهة إلى مصدر الصوت والمتاعب، وشعبان مائل إلى الأمام يراقب ابنه في حماس، والجدة كفت عن المواء، والقطط هي الأخرى كفت عن الأنين واختفت بين طيات ملابس الجالسين.
وقال إبراهيم أفندي وهو ماض كوكيل النيابة في دوره يستدرج الولد: إنتو اتفقتوا صحيح يا حبيبي؟
وتلجلج ابن شعبان ونظر إلى أبيه يستشف ما وراء نظرته ثم قال: إحنا إحنا أيوه اتفقنا .. بس بس.
وتنفس إبراهيم أفندي لأول مرة بارتياح وعوج رأسه وقال وهو يكيل السؤال القاضي: طيب .. ليه بقى سيادتك ما سلمتش زي ما اتفقتوا؟
وواجهه ابن شعبان في دهشة واستغراب وقال: أسلم ازاي؟!
فعوج إبراهيم أفندي رأسه إلى الناحية الأخرى وقال: زي ما اتفقتوا .. ليه بقى يا سيدي ما سملتش؟
Unknown page