217

Al-muqaddimāt al-asāsiyya fī ʿulūm al-Qurʾān

المقدمات الأساسية في علوم القرآن

Publisher

مركز البحوث الإسلامية ليدز

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Publisher Location

بريطانيا

Genres

المبحث الثالث: الحكمة من النسخ
النّسخ جار مع مقاصد الشّرع لتحقيق مصلحة المكلّف:
١ - فتارة ينزل الوحي بالحكم الشّاقّ على المكلّفين؛ لأجل اختبارهم وامتحان صدق إيمانهم.
كما في نزول قوله تعالى: وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ [البقرة: ٢٨٤]، فقد نال المسلمين منه حرج شديد، فلمّا وقع منهم التّسليم والانقياد أنزل الله ﷿ تصديق ما في قلوبهم: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة: ٢٨٥]، ونزلت الآية بعدها بالتّخفيف (١). هذا الوجه على قول من يعدّ هذه الصّورة نسخا.
٢ - وتارة من أجل التّدرّج في التّشريع لحداثة النّاس بالجاهلية، ولا يخفى ما فيه من تأليف قلوبهم على الإسلام، وتهيئتهم لما أريدوا له من نصر دين الله، إذ كانوا الجيل الّذي اصطفاه الله ﷿ لنصرة رسوله ﷺ، فأخذوا بالأخفّ فالأثقل تحقيقا لهذه الغاية.
مثاله: التّدرّج في الصّلاة في قلّة الرّكعات، ثمّ نسخ ذلك بفرض الصّلاة بركعاتها المعلومة.

(١) تقدّم ذكر الحديث فيه (ص: ٢١٠ - ٢١١).

1 / 227