59

Bahr Muhit

البحر المحيط في أصول الفقه

Publisher

دار الكتبي

Edition Number

الأولى

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

القاهرة

[مَفْهُوم النَّظَرُ] النَّظَرُ لُغَةً الِانْتِظَارُ، وَتَقْلِيبُ الْحَدَقَةِ نَحْوَ الْمَرْئِيِّ، وَالرَّحْمَةُ، وَالتَّأَمُّلُ. وَيَتَمَيَّزُ بِالْمُعَدِّي مِنْ حُرُوفِ الْجَرِّ. وَفِي الِاصْطِلَاحِ: الْفِكْرُ الْمُؤَدِّي إلَى عِلْمٍ أَوْ ظَنٍّ. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الشَّامِلِ ": الْفِكْرُ هُوَ انْتِقَالُ النَّفْسِ مِنْ الْمَعَانِي انْتِقَالًا بِالْقَصْدِ، وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ بِطَلَبِ عِلْمٍ أَوْ ظَنٍّ، فَيُسَمَّى نَظَرًا. وَقَدْ لَا يَكُونُ كَأَكْثَرِ حَدِيثِ النَّفْسِ، فَلَا يُسَمَّى نَظَرًا بَلْ تَخَيُّلًا وَفِكْرًا. وَالْفِكْرُ أَعَمُّ مِنْ النَّظَرِ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ قَصْدَ النَّاظِرِ الِانْتِقَالُ مِنْ أَجْزَاءِ الْحَدِّ، وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ ": حَقِيقَةُ النَّظَرِ تُرَدَّدُ فِي أَنْحَاءِ الضَّرُورِيَّاتِ وَمَرَاتِبِهَا، وَقَالَ فِيمَا بَعْدُ: عِنْدَنَا مُبَاحَثَةٌ فِي أَنْحَاءِ الضَّرُورِيَّاتِ وَمَرَاتِبِهَا وَأَسَالِيبِهَا، وَقَدْ اعْتَرَفَ فِيمَا بَعْدُ أَنَّ الضَّرُورِيَّاتِ تَنْقَسِمُ إلَى هَاجِمٍ عَلَيْهِ، وَيُسَمَّى ضَرُورِيًّا. وَإِلَى مَا يَحْتَاجُ إلَى فِكْرٍ، فَيُسَمَّى نَظَرِيًّا. قِيلَ: وَهَذَا نَقْضٌ لِقَوْلِهِ: إنَّ كُلَّهَا ضَرُورِيَّةٌ. وَأَمَّا حَصْرُ النَّظَرِ فِي الضَّرُورِيَّاتِ فَلَا يَسْتَقِيمُ، فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي غَيْرِ الضَّرُورِيَّاتِ ضَرُورَةً، ثُمَّ هُوَ مَنْقُوضٌ بِالشَّكِّ

1 / 61