Al-Baḥr al-Muḥīṭ fī uṣūl al-fiqh
البحر المحيط في أصول الفقه
Publisher
دار الكتبي
Edition Number
الأولى
Publication Year
1414 AH
Publisher Location
القاهرة
كَمَعْرِفَةِ اللَّهِ وَمَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْإِبَاحَةُ كَالْكُفْرِ بِاَللَّهِ وَنِسْبَةِ الظُّلْمِ إلَيْهِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ.
وَكَذَلِكَ جَعَلَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْخِلَافَ فِي مُجَوَّزَاتِ الْعُقُولِ. قَالَ: وَهِيَ كُلُّ مَا جَازَ أَنْ يَرِدَ السَّمْعُ بِتَحْلِيلِهِ أَوْ تَحْرِيمِهِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمَصَادِرِ " مِنْ الشِّيعَةِ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّ الْأَفْعَالَ الْمُضِرَّةَ عَلَى الْحَظْرِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَفْعَالِ الَّتِي يَصِحُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَلَا ضَرَرَ فَبِهَا مِمَّا لَا يُعْلَمُ وُجُوبُهُ وَلَا نَدْبُهُ، عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَذَكَرَهَا.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: فُرُوعُ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ حُكْمُ الْأَشْيَاءِ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ هُمْ يُثْبِتُونَهُ مُطْلَقًا فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ غَيْرَ أَنَّ فِيهَا مَا يُدْرَكُ بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ. وَمِنْهَا مَا يُدْرَكُ بِنَظَرِهِ. وَمِنْهَا مَا لَا يُدْرَكُ بِهِمَا. فَتَجِيءُ الرُّسُلُ مُنَبِّهَةً عَلَيْهِ فِي الْأُولَيَيْنِ مُقَرِّرَةً، وَفِي الثَّالِثِ كَاشِفَةً، وَعِنْدَنَا لَا يُعْرَفُ وُجُوبٌ وَلَا تَحْرِيمٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِالْعَقْلِ، وَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِالشَّرْعِ بَعْدَ الْبَعْثَةِ إنْشَاءً جَدِيدًا، وَقِيلَ: بِطَرِيقِ التَّبْيِينِ، وَكُنَّا قَبْلَهُ مُتَوَقِّفِينَ فِي الْجَمِيعِ. قَالَ: وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ مُعْتَقَدُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَإِجْمَاعُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَأَصْحَابِهِمْ، وَقَالَ صَاحِبُ رَوْضَةِ النَّاظِرِ وَجَنَّةِ الْمَنَاظِرِ " مِنْ الْحَنَابِلَةِ: الْأَفْعَالُ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ هَلْ هِيَ عَلَى الْإِبَاحَةِ أَوْ الْحَظْرِ؟ قَالَ الْقَاضِي: فِيهِ قَوْلَانِ. يُومِئُ إلَيْهِمَا فِي كَلَامِ أَحْمَدَ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هُمَا رِوَايَتَانِ. قَالَ: وَهَذَا النَّقْلُ يُشْكِلُ مَعَ اسْتِقْرَارِ مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَنْ لَا مَجَالَ لِلْعَقْلِ فِي التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ.
1 / 202