142

Al-Baḥr al-Muḥīṭ fī uṣūl al-fiqh

البحر المحيط في أصول الفقه

Publisher

دار الكتبي

Edition Number

الأولى

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

القاهرة

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ، وَابْنُ الْحَاجِبِ: الْمُطَّرِدُ هُوَ الْمَانِعُ وَالْمُنْعَكِسُ هُوَ الْجَامِعُ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ أَوْفَقُ لِلِاسْتِعْمَالِ اللُّغَوِيِّ. فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِنَا: اطَّرَدَ كَذَا أَنَّهُ وُجِدَ وَاسْتَمَرَّ. فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الطَّرْدِ الْوُجُودَ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ، وَإِنَّمَا صَوَّبْنَا الثَّانِيَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى وَصْفِهِ بِالِاطِّرَادِ أَنَّ تَعْرِيفَهُ لِلْمَحْدُودِ. مُطَّرِدٌ، وَهَذَا الَّذِي تَحَقَّقَ وَصْفُهُ بِالْحَدِّ، فَالْمُرَادُ اطِّرَادُ التَّعْرِيفِ.
تَنْبِيهٌ هَلْ الطَّرْدُ وَالْعَكْسُ شَرْطُ الصِّحَّةِ أَوْ دَلِيلُهَا؟ خِلَافٌ. حَكَاهُ الْأَنْبَارِيُّ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ "، فَإِنْ كَانَ شَرْطًا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ وُجُودِهِ صِحَّةُ الْحَدِّ، وَيَلْزَمُ مِنْ الِانْتِفَاءِ الْفَسَادُ، وَإِنْ كَانَ دَلِيلُ الصِّحَّةِ لَزِمَ مِنْ الْوُجُودِ الصِّحَّةُ وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ الِانْتِفَاءِ الْفَسَادُ. قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ شَرْطٌ لَا دَلِيلٌ؛ لِأَنَّا نَجِدُ حُدُودًا مُطَّرِدَةً وَمُنْعَكِسَةً، وَلَا يَحْصُلُ مِنْهَا مَقْصُودُ الْبَيَانِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ، كَقَوْلِنَا: الْعِلْمُ مَا عَلِمَهُ اللَّهُ عِلْمًا. فَهَذَا وَإِنْ كَانَ يَطَّرِدُ وَيَنْعَكِسُ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. وَأَمَّا قَوْلُ الْأُصُولِيِّينَ: عُرِفَتْ صِحَّتُهُ بِاطِّرَادِهِ وَانْعِكَاسِهِ فَتَجَوُّزٌ. اهـ. وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْحَدِّ الِاطِّرَادُ وَالِانْعِكَاسُ، وَمَا اطَّرَدَ وَلَمْ يَنْعَكِسْ جَرَى مَجْرَى الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ أَوْ الْعِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَمِنْهَا: أَنْ لَا يَكُونَ أَخْفَى مِنْ الْمَحْدُودِ، وَلَا مُسَاوِيًا لَهُ فِي الْخَفَاءِ، وَعِبَارَةُ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيِّ بِأَنْ تَكُونَ الْعِبَارَةُ أَوْضَحَ مِنْهُ وَأَسْبَقَ

1 / 144