Al-Badr al-Munīr fī maʿrifat Allāh al-ʿAlī al-Kabīr
البدر المنير في معرفة الله العلي الكبير
Genres
فإذا كان لأي هذه الأعذار جاز القعود معهم حتى يزول ثم ينتقل وجوبا فورا، فإن لم يكن شيء منها كان له حكمهم في الإثم ولو كره فعلهم، فإن رضي بما يوجب الكفر كفر؛ لأن الرضا بالكفر كفر إجماعا، ولو رضي أيضا بالكفر مع العذر أو مع الانتقال فكفر أيضا، وإن رضي بالفسق فسق إن شارك الغرم المغروم عليه في الاعتقاد فيما لأجله من الأفعال حصل به الفسق وذلك كالعزم على قتل العلماء والآمرين بالقسط من الناس، وإن كان قد قيل بالفسق مطلقا واحتج لذلك بما قال الله تعالى في أصحاب الجنة: {إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين}(1) وإن كان إلا مجرد القعود من غير عذر مسوغ بدليل صحيح مع الكراهة لما هم عليه بقلبه وإمكان الانتقال فيحتمل القعود الكفر من غير عذر إذا كانت أعمالهم يكفرون بها لقوله تعالى: {إنكم إذا مثلهم}(2) يعني تعالى مثلهم في الكفر فيكفرون لهم وهو ظاهر المثلية وظاهر سياق الآية ولا يعدل عن الظاهر من القرآن إجماعا إلا بدليل يوجب صرفه إلى الاحتمال الذي لم يكن ظاهرا ويحتمل احتمالا غير ظاهر لا دليل يوجب صرف المثلية والسياق إليه أن المثلية في الإثم لا في الحكم عليه بالكفر.
Page 310